لو أن الإعلام واتحاد الكرة المصريين يضعان دوما مصر وشعبها نصب
أعينهما لكان لنا شأن عظيم في كل ما يعن على الساحة الرياضية من مواقف
وأحداث ، فالمتأمل في موضوع تدريب الكابتن حسن شحاتة لمنتخب نيجيريا وما
أثير حوله من أقوال وما ترادف من أفعال وردود أفعال يجعلنا نطلب من الجميع
أن يقفوا وقفة مع النفس ومع مصر .
فمن الطبيعي أن يفرح الجميع بأن يصرح الاتحاد النيجيري أو يلمح برغبته
في التعاقد مع المعلم ليتولى تريب منتخبهم في رحلة المونديال بجنوب
أفريقيا ، وأن نطبل ونزمر كثيرا ونهلل لذلك الطلب وكأننا نحتاج إليه ـ بعد
فوزنا بالكأس الإفريقية ثلاث مرات متتالية وقهرنا لكبار القارة بحصيلة
كبيرة من الأهداف وبلا رحمة ـ لكي نثبت أو أن يثبت المعلم كفاءته وقدراته
في التدريب ، وكأن ذلك الطلب قادم من إتحاد البرازيل أو الأرجنتين أو
ألمانيا ، أتدرون ! إن خيبتنا تكمن في أننا لا نعرف قدر أنفسنا أو قدر
المتفوقين من أبناء وطننا ، ونشعر أن طريقة التهليل هذه هي رد الجميل
للشخص البارز منا والمتفوق ، بدون أن نجعل مساحة من التعقل والتروي لتحكم
اندفاعنا وحماسنا .
إن تكريس كرامة الإنسان يكمن في أمر صغير جدا لا يلتفت إليه الكثيرون
منا وهو ألا نندفع وراء فرحنا وألا ننساق وراء غرورنا ، وجميعنا ننسى في
خضم تلك الأحداث أن حماسنا قد يسيء إلينا ويجعلنا نبدو كالحمقى أو كالدبة
التي قتلت صاحبها عندما قتله وهي تذب عن وجهه ذبابة مخافة أن تفسد الذبابة
عليه نومه ، فبطشت بوجهه لينام إلى الأبد .
إن التناول للأخبار والشائعات لابد أن يكون باحترافية عالية حتى لا نجد
أنفسنا في نهاية المطاف قد تحولنا إلى أضحوكة ويا كثرة الشامتين ، لقد وضع
الإعلام المصري واتحاد الكرة المعلم حسن شحاتة في موقف سخيف ما كان أغناه
وأغنانا عنه لو أن كل واحد وضع لسانه داخل فمه أو قلمه في جيب سترته
وأراحنا من مظاهر التكريم الكاذب التي لا طائل من ورائها إلا ليدلي كل
واحد بدلوه وليأخذ من الشهرة بجانب المشاهير بطرف ولو يسير ، إنه ركوب
الموجة والخوف من الغياب عن الساحة لو أطبق أيهم شفتاه .
ارحمونا من الفتيا ومن الاندفاع خلف كل خبر صحيح أو كاذب أو شائعة ،
ومن تحميل الأشياء فوق أو غير ما تحتمل ، والأعظم من ذلك كله التصدي
بالنصح وتقرير المصير ورسم الخطوات للمعلم أو غيره ممن يفتح الله عليهم
بالنصر والمجد ، فمن حقق مثل تلك الإنجازات ليس في حاجة للوصاية من أحد ،
مفهوم يا إعلام ويا اتحاد الكرة ويا كل صاحب رأي في أي موقع في بلادنا ،
تعلموا لعل الله ينصر بكم قوما آخرين وبلاش شغل الفتايين ده فقد أهلكنا
والله العظيم .