بعد تتويج المنتخب المصري ببطولة كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم، للمرة الثانية على التوالي، بالهدف الذي أحرزه اللاعب أبو تريكة قبل لحظات من نهاية المباراة، عمت الفرحة كل البيوت العربية من المحيط إلى الخليج، وحتى في بلاد المهجر. وأصبح أبو تريكة حديث الكبار والصغار في المنتديات والصالونات، فهو صاحب الهدف الذهبي الذي أدخل البهجة على قلوب الملايين. التقته «سيدتي» تلبية لرغبة العديد من قارئاتنا اللواتي ما زلن يؤكدن لنا في كل مناسبة اهتمامهن بكرة القدم والبطولات الدولية وأشهر اللاعبين..
عن بدايته الكروية يقول أبو تريكة: "كنت طفلاً أجوب شوارع قريتي (ناهيا) وألعب الكرة، ثم عرض علي اللعب في نادي الترسانة، وبعد اختياري لم يكن معي ثمن حذاء الكرة، و"بالعافية"، اقترضت ثمنه، وأصبحت لاعباً في صفوف الناشئين، ومع مرور الوقت تم تصعيدي للدرجة الأولى، وصعدت بالفريق للدرجة الممتاز بعد أن هبط، وأصبحت هدافاً للترسانة، وذاع صيتي، ومع مرور الوقت اقتربت من اللاعبين المشهورين، وتحدث عني الجميع، وبدأت مفاوضات الأهلي، وتم انتقالي في يناير موسم 2004 وأول مباراة مع الأهلي بقميصي الأحمر كانت ضد ناديَّ السابق الترسانة، وسجلت هدفين في مرمى "الشواكيش"، ومن يومها أصبحت عضواً أساسياً في المنتخب المصري، وزرت بلاداً كنت أسمع عنها، وشاهدت ما لم أتوقعه، وكانت زيارتي لليابان مع الأهلي الأفضل لي شهرة".
أسرة فقيرةلم يخجل أبو تريكة من التحدث عن أسرته، فيقول: "نعم أنا فقير، ومن أسرة متواضعة بقرية ناهيا، كنت أعمل أنا وإخوتي في صناعة الطوب الطيني مع والدي وأخواتي، وأعترف بأن شقيقي أسامة لاعب كرة ممتاز وأفضل مني، ولكن الحظ لم يسانده في الانضمام لأي نادٍ، ولو لعب للأهلي أو الزمالك لأصبح أشهر وأفضل مني.
أغلى الأهداف والأبناءتحدث أبو تريكة عن أجمل الأهداف في حياته، ويصفها بأنها لن تنسى، أولها هدفه في مرمى الصفاقسي التونسي في نهائي بطولة أفريقيا بالعاصمة التونسية، حيث سجل هدف الفوز في الوقت بدل الضائع، وهدفه الثاني في مرمى كوت ديفوار من ضربة جزاء في نهائي أمم أفريقيا باستاد القاهرة يوم 10 فبراير عام 2006م. ويفتخر بهدفه في مرمى كاميني، حارس الفريق الكاميروني في نهائي أمم غانا، ويومها حصلوا على كأس أفريقيا للمرة الثانية على التوالي، والسادس في تاريخ مصر.
ويعتبر محمد ولديه التوأم أحمد وسيف كل شيء في حياته، وعن أمنيته لهما عندما يكبران قال: "أتمنى أن أراهما لاعبين كبيرين، ولكن حتى الآن لم تظهر عليهما أي بوادر سوى ركل الكرة في المنزل بطريقة عشوائية، وتحطيم أي شيء يقف في طريقهما".
والدتي الأمانتوقف أبو تريكة فجأة عن الكلام ليحكي لنا بكل تأثر عن أمه قائلاً: "لوالدتي موقف لا أنساه، فلم أشعر بأي راحة أو اطمئنان إلا بعد سماع صوت ست الحبايب رغم مرضها، ربنا يشفيها، كانت تدعو لي ولجميع اللاعبين، وعندما كنت أخاف من أي شيء وأنا في غانا، كنت أتصل بها وتقول دعاءها المعتاد "ربنا معاك"، وكذلك قبل السفر، أحرص على زيارتها في قرية ناهيا، لأقبل رأسها ويديها هي ووالدي، وقبل مغادرتي المنزل اعتدت على سماع عبارتها: "ربنا يكتب لك في كل خطوة سلامة، روح قلبي وربي راضي عنك".
< ما علاقتك بالنجم الألماني رودي فولر؟تم اختياري ضمن أصدقاء البرازيلي رونالدو والفرنسي زيدان، وأقيمت مباراة في ألمانيا عام 2006م، وشاركت لمدة 45 دقيقة، وبعد المباراة طلب مني رودي فولر هاتفي وبياناتي، وقال لي "أنت لاعب كويس"، وأثنى عليَّ في المباراة الخيرية التي خصص دخلها لمرضى أطفال العالم.
< ماذا بعد اختيارك سفيراً للطفولة؟أولاً أنا رجل بيتوتي من الطراز الأول، من النادي للمسجد للمنزل، وأنام في العاشرة بالضبط، ولو سهرت فللضرورة القصوى، وعلى ألا تتجاوز الساعة الحادية عشرة، لأنني أستيقظ لصلاة الفجر وأتدرب صباحاً ومساء، وبعد اختياري سفيراً للطفولة هناك أفكار ومقترحات لم تأخذ حيز التنفيذ، سأقوم بعملها لصالح الأطفال، ولو طلب مني أي شيء سوف أنفذه لأنني أشعر بسعادة عندما أجد طفلاً يضحك، ولا أنام عندما أشاهد طفلاً يبكي، وبعد الانتهاء من مهرجانات الأمم بعد الفوز بالكأس سأقوم بجولة لصالح الأطفال وزيارة لعدة ملاجئ للأيتام.
إعلانات مجانية< موقفك مع شعب فلسطين فاق الوصف، ماذا تقول لنا عنه؟ما فعلته كان عن اقتناع تام، ولم أندم حتى لو أدى الموقف للإيقاف، لأنني كنت أرغب في توصيل رسالة وفعلاً وصلت.
< يقال إنك رفضت التمثيل؟
فعلاً عرض عليَّ عدة مشاريع للدخول في السينما، وأيضاً الفضائيات والإعلان، ولكنني رفضت كل ذلك باستثناء الإعلانات، لأن هناك بعض الإعلانات المجانية لصالح الأعمال الخيرية، ولم أتقاض منها "مليماً" واحداً.
< ما أول شيء فعلته بعد الفوز بكأس أفريقيا؟
الاتصال بأمي للاطمئنان على صحتها، وبعد عودتي للقاهرة استقبلني والدي وإخوتي، وزرت أمي، وبعدها سافرت إلى دبي، ثم أديت العمرة، لأنني حصلت على ثلاثة أيام فقط راحة من النادي الأهلي، وعدت بعدها للتدريب.
< ما أول مباراة رسمية وأول مكافأة؟كانت مع فريق الحديد والصلب، أحد فرق الدرجة الثانية، وكنت لاعباً في نادي الترسانة، وأول مكافأة كانت 400 جنيه أعطيتها إلى والدي، ومن الأهلي حصلت على كل ما أتمناه، واشتريت سيارة جديدة، وبنيت منزلاً في مدينة الشيخ زايد لأسرتي.
< والأعمال الخيرية؟لا أحب الخوض فيها، لأنها أعمال خيرية والحديث عنها يبطلها.
< ما هي الأعمال التي تحرص دائماً على القيام بها؟زيارة الكعبة المشرفة بعد كل بطولة يفوز فيها الأهلي والمنتخب، لتأدية العمرة، وهذا العام أديت فريضة الحج، وكانت المرة الأولى في حياتي، حيث وجدت مخرجاً من ارتباطات الفريق، ولا أجد كلاماً أنقل فيه ما شعرت به هناك، إلا أنني سأحرص الموسم القادم على تأدية الفريضة.
< لماذا لم تغير سيارتك؟منذ انتقالي للأهلي لم أغير سيارتي لأنها "وش السعد"، وهي "تويوتا حمراء"، والسيارة القديمة التي كانت معي وأنا لاعب في الترسانة، بعتها إلى زميلي عمرو سماكة.
الاحتراف
< ما الشيء الذي تتمناه لنفسك؟إسعاد الآخرين، وبخاصة الأطفال والأيتام، والجماهير المصرية، وعلى المستوى الشخصي الاحتراف في إسبانيا.
< ماذا عن مسألة الاحتراف تلك؟هو موضوع طويل حسمته مع الأهلي بعد أن تلقيت عشرات العروض خلال الفترة السابقة، وكان أول عرض رسمي وفعلي من نادي لوكوموتيف الروسي، بالإضافة إلى عروض أوروبية وعربية عديدة وبمبلغ كبير جداً، ولكن ارتباطي مع الأهلي جعلني أرفض أي عرض، وبعد كأس الأمم الأخيرة، فوجئت بوكيل إسباني يعرض عليَّ اللعب في إسبانيا، وهذه المرة سأفكر، لأنني أتمنى أن ألعب في كأس العالم، لأنها البطولة الوحيدة التي لم أشارك فيها.
< يقال إنك خجول؟طبيعتي كده، ولا أحب الضجة، وأريد أن أعيش حياتي في هدوء، وأتمنى أن يكون أولادي مثلي وأراهم نجوم كرة.
< هل أعطتك الكرة كل شيء؟نعم، وبفضل الله، وأفضل شيء حب الناس وهذه نعمة.
< قلت إن شقيقك أسامة أفضل منك كروياً؟فعلاً مشواري مليء بالأشواك والمخاطر، وتعتبر قصة كفاح، حيث اصطحبني صديقي مجدي عامر لنادي الترسانة وأنا صغير السن، وعرضني على هشام السيد والحملاوي وحنفي شعراوي، ومنذ أن وطأت قدماي النادي تم تسجيلي في الفريق، وسبب ذهابي للترسانة يرجع لأمور عديدة، منها انخفاض ثمن استمارة الالتحاق بالاختبارات، ولو كان معي نقوداً أكثر لكنت ذهبت للزمالك أو الأهلي، ولكن بعد اختياري طلب مني كابتن الحملاوي حذاء كرة للتدريب، ولم يكن معي ثمن هذا الحذاء، إلا أن والدي اقتنع بالفكرة، وتم التصرف وشراء حذاء، وأصبحت لاعباً في الترسانة ثم الأهلي والمنتخب. وتم استدعائي للعب في المنتخب عن طريق رسالة إلكترونية.
شحاتة المعلمبرغم شعوره الشديد بالفخر والاعتزاز، إلا أنه لم ينس التحدث عن مدربه الكابتن والمعلم حسن شحاتة، فيقول عنه: "عشنا في هذه البطولة لحظات قلق كثيرة، نظراً لأهميتها القصوى بالنسبة لمصر، إلا أن شحاتة كان يزرع بداخلنا الثقة، كما أننا كنا واثقين به لأبعد الحدود، نظراً لما يملكه من إمكانيات وخبرة وقدرات تكتيكية فائقة، إضافة إلى احتوائه لنا كأبناء وليس كلاعبين فقط، وأنا أفتخر باللعب معه، وأتمنى أن نصل معاً لكأس العالم في 2010م.
زوجته سمية: أبو تريكة يأكل الموجود!
تحدثت سمية عن بدايات معرفتها به وقالت: "تعرفت عليه ونحن في الجامعة، حيث كنا زملاء، وخطبني منذ أن كان لاعباً في الترسانة، وتم زواجنا يوم 18 يونيو عام 2002م، وبعد الزواج استقر بنا الحال في منطقة الهرم، وخلال السنة الماضية انتقلنا إلى منطقة الشيخ زايد، ولكن لم نترك شقتنا القديمة بالهرم، لأنها شقة الذكريات الجميلة، أنا من محافظة أسيوط، وأشجع الأهلي بعد أن انتقل إليه "أبو سيف". وخلال سفرياته يحرص على الاتصال بي للاطمئنان على أحمد وسيف.
يغير رقم جوالهسمية وصفته بأنه صاحب طبع هادئ جداً، ولا يحب الضجة، وكثيراً ما يهرب من اللقاءات الصحفية، لأنه مشغول بالكرة وقراءة القرآن والصلاة وصلة الرحم، وتابعت: "أهم صفاته في الأعياد والمناسبات والإجازات، أنه يجمع أسرته الكبيرة، ويلتف من حولهم، وفي كل زيارة لقريته يحرص على الاتصال بأصدقاء الطفولة وأقاربه، ولم يتغير منذ أن كان لاعباً في الترسانة، الشيء الوحيد الذي تغير أنه عندما كان في الترسانة كان عدد الإعلاميين الذين يتصلون به قليلاً جداً، ومنذ انتقاله للأهلي أصبح يتلقى في اليوم أكثر من مئة مكالمة على الهاتف، لدرجة أنه كل أسبوع والثاني يغير أرقام تليفونه المحمول، وللعلم لا يحب أن يرد على المكالمات على تليفون المنزل إلا في الضرورة القصوى، كما أنه لا يحب أن يسافر إلى الإسكندرية أو شرم الشيخ مثل زملائه اللاعبين الذين يعرضون عليه السفر، والمرة الوحيدة التي سافر فيها إلى شرم الشيخ كان قبل انتقاله للأهلي مع شقيقه لزيارة عمل فقط، كما أن أبو تريكة قليل الأكل ويأكل الموجود، ولا يطلب أي طعام معين".