| سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
غروب عضو ذهبي
عدد الرسائل : 0 عدد المساهمات : 147 نقاط : 213 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 13/01/2010 العمر : 48
| موضوع: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الأربعاء فبراير 24, 2010 5:51 pm | |
| سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( على حلقات)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
محمد صلى الله عليه وسلم – أصله، ونشأته، وأحواله قبل النبوة النسب الشريف : هو أكرم خلق الله، وأفضل رسله، وخاتم أنبيائه محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وعدنان من ذرية إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام بالاتفاق، ولكن لم يعرف بالضبط عدد ولا أسماء بينه وبين إسماعيل عليه السلام. أما أمه صلى الله عليه وسلم فهي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، وكلاب هو الجد الخامس للنبي صلى الله عليه وسلم من جهة أبيه، فأبوه وأمه من أصل واحد، يجتمعان في كلاب، واسمه حكيم. وقيل : عروة، ولكنه كان كثير الصيد بالكلاب فعرف بها. قبيلته : قبيلته صلى الله عليه وسلم هي قبيلة قريش المشهود لها بالشرف، ورفعة الشأن، والمجد الأصيل، وقداسة المكان بين سائر العرب، وهو لقب فهر بن مالك أو النضر بن كنانة. وكل من رجالات هذه القبيلة كانوا سادات وأشرافاً في زمانهم، وقد امتاز منهم قصي – واسمه زيد – بعدة ميزات، فهو أول من تولى الكعبة من قريش، فكانت إليه حجابتها وسدانتها أي كان بيده مفتاح الكعبة يفتحها لمن شاء ومتى شاء، وهو الذي أنزل قريشاً ببطن مكة، وأسكنهم في داخلها، وكانوا قبل ذلك في ضواحيها وأطرافها، متفرقين بين قبائل أخرى، وهو الذي أنشأ السقاية والرفادة. والسقاية : ماء عذب من نبيذ التمر أو العسل أو الزبيب ونحوه، كان يعده في حياض من الأديم يشربه الحجاج. والرفادة : طعام كان يصنع لهم في الموسم. وقد بنى قصي بيتاً بشمالي الكعبة، عرف بدار الندوة. وهي دار شورى قريش، ومركزهم تحركاتهم الاجتماعية، فكان لا يعقد نكاح، ولا يتم أمر إلا في هذه الدار، وكان بيده اللواء والقيادة، فلا تعقد راية حرب إلا بيده، وكان كريماً وافر العقل، صاحب كلمة نافذة في قومه. | |
|
| |
غروب عضو ذهبي
عدد الرسائل : 0 عدد المساهمات : 147 نقاط : 213 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 13/01/2010 العمر : 48
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الأربعاء فبراير 24, 2010 5:53 pm | |
| أسرته : أما أسرته صلى الله عليه وسلم فتعرف بالأسرة الهاشمية، نسبة إلى جده الثاني هاشم، وقد ورث هاشم من مناصب قصي : السقاية والرفادة، ثم ورثهما أخوه المطلب، ثم أولاد هاشم إلى أن جاء الإسلام وهم على ذلك، وكان هاشم أعظم أهل زمانه، كان يهشم الخبز، أي يفتته في اللحم، فيجعله ثريداً، ثم يتركه يأكله الناس، فلقب بهاشم، واسمه عمرو. وهو الذي سن الراحلتين : رحلة الشتاء إلى اليمن، ورحلة الصيف إلى الشام، وكان يعرف بسيد البطحاء. ومن حديثه : أنه مر بيثرب وهو في طريق تجارته إلى الشام، فتزوج سلمى بنت عمرو من بني عدي بن النجار، وأقام عندها فترة، ثم مضى إلى الشام وهي حامل، فمات بغزة من أرض فلسطين، وولدت سلمى ابناً بالمدينة سمته : شيبة، لشيب في رأسه، ونشأ هذا الطفل بين أخواله في المدينة، ولم يعلم به أعمامه بمكة حتى بلغ نحو سبع سنين أو ثماني سنين، ثم علم به عمه المطلب، فذهب به إلى مكة، فلما رآه الناس ظنوه عبده فقالوا : عبدالمطلب، فاشتهر بذلك. وكان عبدالمطلب أوسم الناس وأجملهم وأعظم قدراً. وقد شرف في زمانه شرفاً لم يبلغه أحد، كان سيد قريش وصاحب عير مكة، شريفاً مطاعاً جواداً يسمى بالفياض لسخائه، كان يرفع من مائدته للمساكين والوحوش والطيور، فكان يلقب بمطعم الناس في السهل، والوحوش والطيور في رؤوس الجبال. وقد تشرق بحفر بثر زمزم بعد أن كان قد درسها جرهم عند جلائهم عن مكة، وكان قد أمر بحفرها فبه المنام، ووصف له موضعها فيه. وفي عهده وقعت حادثة الفيل، جاء أبرهة الأشرم من اليمن بستين ألف جندي من الأحباش، ومعه من الفيلة، ليهدم الكعبة، فلما وصل إلى وادي محسر بين المزدلفة ومنى، وتهيأ للهجوم على مكة أرسل الله عليهم طيراً أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل، فجعلهم كعصف مأكول، وكان ذلك قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم بأقل من شهرين فقط. أما والده : عبدالله فكان أحسن أولاد عبدالمطلب، وأعفهم وأحبهم إليه، وهو الذبيح، وذلك أن عبدالمطلب لما حفر بئر زمزم، وبدت آثارها نازعنه قريش، فنذر لئن آتاه الله عشر أبناء، وبلغوا أن يمنعوه، ليذبحن أحدهم. فلما تم له ذلك أقرع بين أولاده، فوقعت القرعة على عبدالله، فذهب إلى الكعبة ليذبحه، فمنعته قريش، ولا سيما إخوانه وأخواله، ففداه بمائة من الإبل، فالنبي صلى الله عليه وسلم ابن الذبيحين : إسماعيل عليه السلام بكبش، وفدي عبدالله بمائة من الإبل. واختار عبدالمطلب لابنه عبدالله آمنة بنت وهب، وكانت أفضل نساء قريش شرفاً وموضعاً،، وكان أبوها وهب سيد بني زهرة نسباً وشرفاًً، قتمت الخطبة والزواج، وبني بها عبدالله بمكة فحملت برسول الله صلى الله عليه وسلم. وبعد فترة أرسله عبدالمطلب إلى المدينة - أو الشام في تجارة – فتوفي بالمدينة – راجعاً من الشام – ودفن في دار النابغة الذبياني، وذلك قبل ولادته صلى الله عليه وسلم على الأصح.
| |
|
| |
غروب عضو ذهبي
عدد الرسائل : 0 عدد المساهمات : 147 نقاط : 213 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 13/01/2010 العمر : 48
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الأربعاء فبراير 24, 2010 5:56 pm | |
| [size=18] [size=12][size=21]المولد : ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بشعاب بني هاشم في مكة، صبيحة يوم الأثنين، التاسع – ويقال الثاني عشر – من شهر ربيع الأول عام الفيل – والتاريخ الأول أصح والثاني أشهر – وهو يوافق اليوم الثاني والعشرين من شهر أبريل سنة 571م. وكانت قابلته أي داينه : الشفاء بنت عمرو أم عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه، ولما ولدته أمه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام. وأرسلت إلى جده عبدالمطلب تبشره بولاته صلى الله عليه وسلم، فجاء عبدالمطلب مستبشراً مسروراً، وحمله، فأدخله الكعبة، وشكر الله، ودعاه، وسماه محمداً، رجاء أن يحمد، وعق عنه، وختنه يوم سابعه، وأطعم الناس كما كان العرب يفعلون. وكانت حاضنته أم أيمن : بركة الحبشية، مولاة والده عبدالله، وقد بقيت حتى أسلمت، وهاجرت، وتوفيت بعد النبي صلى الله عليه وسلم بخمسة أشهر، أو بستة أشهر. رضاعته : وأول من أرضعته صلى الله عليه وسلم، بعد أمه ثويبة : مولاة أبي لهب بلبن ابن لها، يقال له مسروح، وكانت قد أرضعته قبله صلى الله عليه وسلم حمزة بن عبدالمطلب وبعده صلى الله عليه وسلم – أبا سلمة بن عبدالأسد المخزومي، فهم إخوته صلى الله عليه وسلم من الرضاع. وقد أعتق أبو لهب أمته هذه فرحاً بولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه صار ألد أعدائه حينما قام بالدعوة إلى الإسلام.
[/size][/size][/size] | |
|
| |
غروب عضو ذهبي
عدد الرسائل : 0 عدد المساهمات : 147 نقاط : 213 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 13/01/2010 العمر : 48
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الأربعاء فبراير 24, 2010 5:59 pm | |
| [size=24] [size=12][size=21]في بني سعد : كان من عادة العرب أن يلتمسوا المراضع لمواليدهم في البوادي، إبعاداً لهم عن أمراض الحواضر حتى تشتد أعصابهم، وليتقنوا اللسان العربي في مهدهم. وقدر الله أن جاءت نسوة من بني سعد بن بكر بن هوازان يطلبن الرضعاء، فعرض النبي صلى الله عليه وسلم عليهن كلهن، فأبين أن يرضعنه لأجل يتمه. ولم تجد إحدى النسوة وهي حليمة بنت أبي ذويب – رضيعاً فأخذته صلى الله عليه وسلم – وحظيت به حظوة اغتبط لها الآخرون. واسم أبي ذويب والد حليمة : عبدالله بن الحارث، واسم زوجها : الحارث بن عبدالعزي : إخوته صلى الله عليه وسلم من الرضاعة هم : عبدالله وأيسة وجدامة، وهي الشيماء، لقب غلب على اسمها، وكانت تحضن رسول الله صلى الله عليه وسلم. بركات بيت الرضاعة : وقد درت البركات على أهل البيت مدة وجوده صلى الله عليه وسلم بينهم. ومما روي من هذه البركات : أن حليمة لما جاءت إلى مكة كانت الأيام أيام جدب وقحط، وكانت معها أتان كانت أبطأ دابة في الركب مشياً لأجل الضعف والهزال، وكانت معها ناقة لا تدر بقطرة من لبن، وكان لها ولد صغير يبكي ويصرخ طول الليل لأجل الجوع، لا ينام، ولا يترك أبويه ينامان. فلما جاءت حليمة بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى رحلها، ووضعته في حجرها أقبل عليه ثدياها بما شاء من لبن، فشرب حتى روي، وشرب معه ابنها الصغير حتى روي، ثم ناما. وقام زوجها إلى الناقة فوجدها حافلاً باللبن فحلب منها ما انتهيا بشربه ريًّا وشبعاً، ثم بات بخير ليلة. ولما خرج راجعين إلى بادية بني سعد ركبت حليمة تلك الأتان، وحملت معها النبي صلى الله عليه وسلم، فأسرعت الأتان حتى قطع بالركب، ولم يستطع لحوقها شيء من الحمر. ولما قدما في ديارهما : ديار بني سعد – وكان أجدب أرض الله – كانت غنمهما تروح عليهما شباعاً ممتلئة الخواصر بالعلف، وممتلئة الضروع باللبن. فكانا يحلبان ويشربان، وما يحلب إنسان قطرة لبن. فلم يزالا يعرفان من الله الزيادة والخير حتى اكتملت مدة الرضاعة ومضت سنتان ففطمته حليمة، وقد اشتد وقوي في هذه الفترة. بقاء النبي صلى الله عليه وسلم في بني سعد بعد الرضاعة : وكانت حليمة تأتي بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى أمه وأسرته كل ستة أشهر، ثم ترجع به إلى باديتها في بني سعد، فلما اكتملت مدة الرضاعة وفطمته، وجاءت به إلى أمه حرصت على بقائه صلى الله عليه وسلم عندها، لما رأت من البركة والخير. فطلبت من أم النبي صلى الله عليه وسلم أن تتركه عندها حتى يغلظ، فإنها تخاف عليه وباء مكة، فرضيت أمه صلى الله عليه وسلم بذلك، ورجعت به حليمة إلى بيتها مستبشرة مسرورة، وبقي النبي صلى الله عليه وسلم عندها بعد ذلك نحو سنتين، ثم وقعت حادثة غريبة أحدثت خوفاً في حليمة وزوجها ردا النبي صلى الله عليه وسلم إلى أمه. وتلك الحادثة هي شق صدره صلى الله عليه وسلم. شق الصدر : قال أنس بن مالك رضي الله عنه : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل، وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه، فشق عن قلبه، فاستخرج القلب، فاستخرج منه علقة، فقال : هذا حظ الشيطان منك. ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم لأمه أي ضمه وجمعه ثم أعاده في مكانه. وجاء الغلمان يسعون إلى أمه – يعني ظئره ( وهي المرضعة ) – فقالوا : إن محمداً قد قتل. فاستقبلوه وهو منتقع اللون. أي متغير اللون. قال أنس : وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره
[/size][/size][/size] | |
|
| |
غروب عضو ذهبي
عدد الرسائل : 0 عدد المساهمات : 147 نقاط : 213 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 13/01/2010 العمر : 48
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الأربعاء فبراير 24, 2010 6:00 pm | |
| [size=24] [size=12][size=21]إلى أمه الحنون : ورجع النبي صلى الله عليه وسلم بعد هذا الحادث إلى مكة، فبقي عند أمه وفي أسرته نحو سنتين، ثم سافرت معه أمه إلى المدينة، حيث قبر والده وأخواله جده بنو عدي بن النجار، وكان معها قيمها عبدالمطلب، وخادمتها أم أيمن، فمكثت شهراُ ثم رجعت، وبينهما هي في الطريق لحقها المرض، واشتد حتى توفيت بالأبواء بين مكة والمدينة، ودفنت هناك. إلى جده العطوف : وعاد به صلى الله عليه وسلم جده عبدالمطلب إلى مكة، وهو يشعر بأعماق قلبه شدة ألم المصاب الجديد. فرق عليه رقة لم يرقها على أحد من أولاده، فكان يعظم قدره، ويقدمه على أولاده، ويكرمه غاية الإكرام، ويجلسه على فراشه الخاص الذي لم يكن يجلس عليه غيره. ويمسح ظهره، ويسر بما يراه يصنع. ويعتقد أن له شأناً عظيماً في المستقبل،، ولكنه توفي بعد سنتين حين كان عمره صلى الله عليه وسلم ثماني سنوات وشهرين وعشرة أيام. إلى عمه الشفيق : وقام بكفالته صلى الله عليه وسلم عمه أبو طالب شقيق أبيه، واختصه بفضل الرحمة والمودة، وكان مقلا من المال، فبارك الله في قليله، حتى كان طعام الواحد يشبع جميع أسرته، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم مثال القناعة والصبر، يكتفي بما قدر الله له. سفره إلى الشام وبحيرا الراهب : وأراد أبو طالب أن يخرج بتجارة إلى الشام في عير قريش، وكان عمره صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة سنة وقيل : وشهرين وعشرة أيام، فاستعظم رسول الله صلى الله عليه وسلم فراقه، فرق عليه وأخذه معه، فلما نزل الركب قريباً من مدينة بصرى على مشارف الشام خرج إليهم أحد كبار رهبان النصارى وهو بحيرا الراهب، فتخلل في الركب حتى وصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخذه بيده، وقال : ( هذا سيد العالمين، هذا رسول رب العالمين، هذا يبعثه الله رحمة للعالمين ). قالوا : وما علمك بذلك ؟ قال : ( إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق حجر ولا شجر إلا خر ساجداً، ولا يسجدان إلا لنبي، وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة، وإنا نجده في كتبنا ). ثم أكرمه بالضيافة، وسأل أبا طالب، أن يرده ولا يقدم به إلى الشام خوفاً من اليهود والرومان، فرده أبو طالب إلى مكة.
[/size][/size][/size] | |
|
| |
غروب عضو ذهبي
عدد الرسائل : 0 عدد المساهمات : 147 نقاط : 213 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 13/01/2010 العمر : 48
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الأربعاء فبراير 24, 2010 6:01 pm | |
| [size=24] [size=12][size=21]حرب الفجار : وحين كان عمره صلى الله عليه وسلم عشرين سنة، وقعت في سوق عكاظ حرب بين قبائل قريش وكنانة من جهة، وبين قبائل قيس عيلان من جهة أخرى. اشتد فيها البأس، وقتل عدد من الفريقين، ثم اصطلحوا على أن يحصوا قتلى الفريقين، فمن وجد قتلاه أكثر أخذ دية الزائد، ووضعوا الحرب، وهدموا ما وقع بينهم من العداوة والشر. وقد حضر هذه الحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ينبل على أعمامه، أي يجهز لهم النبل للرمي. وسميت هذه الحرب بحرب الفجار لأنهم انتهكوا فيها حرمة حرم مكة والشهر الحرام، والفجار أربعة : كل في سنة، وهذه آخرها، وانتهت الثلاثة الأولى بعد خصام واشتجار طفيف، ولم يقع القتال إلا في الرابع فقط. حلف الفضول : وفي شهر ذي العقدة على إثر هذه الحرب تم حلف الفضول بين خمسة بطون من قبيلة قريش وهم : بنو هاشم، وبنو المطلب، وبنو أسد، وبنو زهرة، وبنو تيم. وسببه أن رجلاً من زبيد جاء بسلعة إلى مكة، فاشتراها منه العاص بن وائل السهمي، وحبس عنه حقه، فاستدعى عليه ببني عبدالدار، وبني مخزوم، وبني جمح، وبني سهم، وبني عدي، فلم يكترثوا له، فعلا جبل أبي قبيس، وذكر ظلامته في أبيات، ونادى من يعينه على حقه، فمشى في ذلك الزبير بن عبدالمطلب حتى اجتمع الذين مضى ذكرهم في دار عبدالله بن جدعان رئيس بني تيم، وتحالفوا وتعاقدوا على أن لا يجدوا بمكة مظلوماً من أهلها أو من غيرهم إلا قاموا معه حتى ترد عليه مظلمته، ثم قاموا إلى العاص بن وائل السهمي، فانتزعوا منه حق الزبيدي، ودفعوه إليه. وقد حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحلف مع أعمامه، وقال بعد أن شرفه الله بالرسالة : (( لقد شهدة في دار عبدالله بن جدعان حلفاً ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو أدعى به في الإسلام لأجبت )). صحيح، في سنن البيهقي الكبرى.
[/size][/size][/size] | |
|
| |
غروب عضو ذهبي
عدد الرسائل : 0 عدد المساهمات : 147 نقاط : 213 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 13/01/2010 العمر : 48
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الأربعاء فبراير 24, 2010 6:08 pm | |
| زواجه بخديجة : ورأت خديجة من الأمانة والبركة ما يبهر القلوب، وقص عليها ميسرة ما رأى في النبي صلى الله عليه وسلم من كرم الشمائل وعذوبة الخلال، يقال : وبعض الخوارق، مثل تظليل الملكين له في الحر، فشعرت خديجة بنيل بغيتها فيه، فأرسلت إليه إحدى صديقاتها تبدي رغبتها في الزواج به، ورضي النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وكلم أعمامه، فخطبوها له إلى عمها عمرو بن أسد، فزوجها عمها بالنبي صلى الله عليه وسلم في محضر من بني هاشم ورؤساء قريش على صداق قدره عشرون بكرة، وقيل ست بكرات، وكان الذي ألقى خطبة النكاح هو عمه أبو طالب : فحمد الله، وأثنى عليه، ثم ذكر شرف النسب وفضل النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر كلمة العقد وبين الصداق. تم هذا الزواج بعد رجوعه صلى الله عليه وسلم من الشام بشهرين وأيام، وكان عمره إذ ذاك خمساً وعشرين سنة، أما خديجة فالأشهر أن سنها كانت أربعين سنة. وقيل : ثمان وعشرين سنة، وقيل غير ذلك، وكانت أولاً متزوججة بعتيق بن عائذ المخزومي، فمات عنها،، فتزوجها أبو هالة التيمي، فمات عنها أيضاً بعد أن ترك له منها ولداً، ثم حرص على زواجها كبار رؤساء قريش فأبت حتى رغبت في رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجت به. فسعدت به سعادة يغبط عليها الأولون والآخرون. وهي أول أزواجه صلى الله عليه وسلم، لم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت، وكل أولاده صلى الله عليه وسلم منها إلا إبراهيم فإنه من مارية القبطية. أولاده صلى الله عليه وسلم من خديجة : هم : القاسم، ثم زينب، ثم رقية، ثم أم كلثوم، ثم فاطمة، ثم عبدالله، وقيل غير ذلك في عددهم وترتيبهم، وقد مات البنون كلهم صغاراً. أما البنات فقد أدركن كلهن زمن النبوة، فأسلمن وهاجرن، ثم توفاهن الموت قبل النبي صلى الله عليه وسلم إلا فاطمة رضي الله عنها، فإنها عاشت بعده صلى الله عليه وسلم ستة أشهر.
| |
|
| |
غروب عضو ذهبي
عدد الرسائل : 0 عدد المساهمات : 147 نقاط : 213 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 13/01/2010 العمر : 48
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الأربعاء فبراير 24, 2010 6:10 pm | |
| بناء البيت وقصة التحكيم : ولما بلغت سنه صلى الله عليه وسلم خمساً وثلاثين سنة جاء سيل جارف صدع جدران الكعبة. وكانت قد وهنت من قبل لأجل حريق، فاضطرت قريش إلى بنائها من جديد، وقرروا أن لا يدخلوا في نفقتها إلا طيباً، فلا يدخل فيها مهر بغي، ولا بيع ربا، ولا مظلمة أحد، وهابوا عقاب الله على هدمها، فقال لهم الوليد بن المغيرة : إن الله لا يهلك المصلحين، ثم بدأ يهدم، فتبعوه في هدمها حتى وصلوا بها إلى قواعد إبراهيم. ثم أخذوا في البناء وخصصوا لكل قبيلة جزءًا منها، وكان الأشراف يحملون الحجارة على أعناقهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمه العباس فيمن يحمل. وتولى البناء بنّاء رومي اسمه : باقوم. وضاقت بهم النفقة الطيبة عن إتمامها على قواعد إبراهيم، فأخرجوا منها نحو ستة أذرع من جهة الشمال، وبنوا عليها جداراً قصيراً علامة أنه من الكعبة. وهذا الجزء هو المعروف بالحجر والحطيم. ولما ول البنيان إلى موضع الحجر الأسود أراد كل رئيس أن يتشرف بوضعه في مكانه، فوقع بينهم التنازع والخصام، واستمر أربع أيام أو خمسة، وكاد يتحول إلى حرب دامية في الحرم، إلا أن أبا أمية بن المغيرة المخزومي تداركها بحكمة وكان أسن رجل في قريش، فاقترح عليهم أن يحكموا أول رجل يدخل عليهم من باب المسجد، فقبلوا ذلك، واتفقوا عليه. وكان من قدر الله أن أول من دخل بعد هذا القرار هو سول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأوه هتفوا، وقالوا : هذا الأمين رضيناه، هذا محمد. فلما انتهى إليهم، وأخبروه الخبر، أخذ رداءً ووضع فيه الحجر الأسود، وأمرهم أن يمسك كل واحد منهم بطرف الرداء ويرفعه، فلما وصل الحجر الأسود إلى موضعه أخذه النبي صلى الله عليه وسلم بيده ووضعه في مكانه. وكان حلاًّ حصيفاً رضي به الجميع. والحجر الأسود يرتفع عن أرض المطاف متراً ونصف متر. أما الباب فقد رفعوه نحو مترين حتى لا يدخل إلا من أرادوا، وأما الجداران فرفعوها ثمانية عشر ذراعاً، وكانت على النصف من ذلك، ونصبوا في داخل الكعبة ستة أعمدة في صفين ثم سقفوها على ارتفاع خمسة عشر ذراعاً وكانت من قبل بدون سقف ولا عمود.
| |
|
| |
غروب عضو ذهبي
عدد الرسائل : 0 عدد المساهمات : 147 نقاط : 213 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 13/01/2010 العمر : 48
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الأربعاء فبراير 24, 2010 6:13 pm | |
| [size=24] [size=12][size=21]سيرته صلى الله عليه وسلم قبل البعثة : نشأ صلى الله عليه وسلم منذ صباه سليم العقل، وافر القوى، نزيه الجانب، فترعرع، وشب، ونضج، وهو جامع للصفات الحميدة والشيم النبيلة، فكان طرازاً رفيعاً من الفكر الصائب والنظر السديد، ومثالاً نهائياً في مكارم الأخلاق ومحاسن الخصال، امتز بالصدق، والأمانة، والمروءة، والشجاعة، والعدل، والحكمة، والعفة، والزهد، والقناعة، والحلم، والصبر والشكر، والحياء والوفاء، والتواضع والتناصح. وكان على أعلى قمة من البر والإحسان كما قال عمه أبو طالب :
وأبيض يستسقي الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامـل
وكان وصولاً للرحم، حمولاً لما يثقل كواهل الناس، يساعد من أعدم العيش حتى يصيب الكسب، وكان يقري الضيف، ويعين من نزلت به النوازل. وقد حاطه الله بالحفظ والرعاية، وبغض إليه ما كان في قومه من خرافة وسوء، فلم يشهد أعياد الأوثان واحتفالات الشرك، ولم يأكل مما ذبح على النصب أو أهل به لغير ذلك، وكان لا يصبر على سماع الحلف باللات والعزى فضلاً عن مس الأصنام أو التقرب إليها. وكان أبعد الناس من شرب الخمر وشهود الملاهي حتى لم يحضر مجالس اللهو والسمر ونواديها التي كانت منتزه الشباب وملتقى الأحبة في مكة.
[/size][/size][/size] | |
|
| |
غروب عضو ذهبي
عدد الرسائل : 0 عدد المساهمات : 147 نقاط : 213 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 13/01/2010 العمر : 48
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الأربعاء فبراير 24, 2010 6:15 pm | |
| [size=24] [size=12][size=21]النبوة والدعوة
مقدمات النبوة وتباشر السعادة : وبما تقدم ذكره اتسعت الشقة الفكرية والعملية بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قومه، وطفق يقلق مما يراهم عليه من الشقاوة والفساد، ويرغب في الاعتزال عنهم والخلوة بنفسه مع تفكيره في سبيل ينجيهم من التعاسة والبوار. واشتد هذا القلق، وقويت هذه الرغبة مع تقدم السن حتى كأن حادياً يحدوه إلى الخلوة والانقطاع. فأخذ يخلو بغار حراء، يتعبد الله فيه على بقايا دين إبراهيم عليه السلام وذلك من كل سنة شهراً، وهو شهر رمضان، فإذا قضى جواره بتمام هذا الشهر انصرف إلى مكة صباحاً، فيطوف بالبيت، ثم يعود إلى داره، وقد تكرر ذلك منه صلى الله عليه وسلم ثلاث سنوات. فلما تكامل له أربعون سنة وهي سن الكمال، ولها بعثت الرسل غالباً، بدأت طلائع النبوة وتباشير السعادة في الظهور، فكان يرى رؤيا صالحة تقع كما يرى، وكان يرى الضوء ويسمع الصوت، وقال : (( إني لأعرف حجراً بمكة كان يسلم عليّ قبل أن أبعث )) صحيح الجامع ومسلم.
[/size][/size][/size] | |
|
| |
غروب عضو ذهبي
عدد الرسائل : 0 عدد المساهمات : 147 نقاط : 213 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 13/01/2010 العمر : 48
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الأربعاء فبراير 24, 2010 6:16 pm | |
| [size=24] [size=12][size=21]بداية النبوة ونزول الوحي : فلما كان من رمضان من السنة الحادية والأربعين وهو معتكف بغار حراء، يذكر الله ويعبده، فجئه جبريل عليه السلام بالنبوة والوحي، قالت عائشة رضي الله عنها وهي تروي هذه القصة بتفاصيلها : أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء فيتحنث - أي يتعبد - في الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة، فيتزود لمثلها حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك، فقال : اقرأ. قال : ما أنا بقارئ. قال : فأخذني، فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال : اقرأ. قلت : ما أنا بقارئ. فأخذني، فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال : اقرأ. فقلت : ما أنا بقارئ. فأخذني، فغطني الثالثة. ثم أرسلني فقال : { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ{1} خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ{2} اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ{3} الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ{4} عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ{5} سورة العلق. فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فقال : زملوني، زملوني. فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر : لقد خشيت على نفسي. فقالت خديجة : كلا، والله ما يخزيك الله أبداً. إنك لتصل الرحم، وتحمل الكلّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق. فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبدالعزي، ابن عم خديجة، وكان امرأً تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب وكان شيخاً قد عمي. فقالت له خديجة : يا ابن عم اسمع من ابن أخيك. فقال له ورقة : يا ابن أخي ماذا ترى ؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى. فقال له ورقة : هذا الناموس الذي نزل الله على موسى. يا ليتني فيها جزعاً – أي قوياً جلداً – ليتني أكون حيًّا إذ يخرجك قومك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أو مخرجي هم ؟ قال : نعم، لم يأت رجل قط مثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً. ثم لم يلبث ورقة أن توفى، وفتر الوحي.
[/size][/size][/size] | |
|
| |
غروب عضو ذهبي
عدد الرسائل : 0 عدد المساهمات : 147 نقاط : 213 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 13/01/2010 العمر : 48
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الأربعاء فبراير 24, 2010 6:18 pm | |
| [size=24] [size=12][size=21]الرعيل الأول : فلما بدأ النبي صلى الله عليه وسلم دعوته بادر إلى الإيمان به عدد ممن كتب الله له السبق إلى السعادة والخير. 1- وكانت أولهم على الإطلاق أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله تعالى عنها، وكانت قد علمت البشارات، وسمعت عن الإرهاصات، وأبصرت ملامح النبوة، وشاهدت تباشير الرسالة، وتوقعت أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو نبي هذه الأمة، ثم تأكد لها من حديث ورقة أن الذي نزل في حراء هو جبريل عليه السلام، وأن الذي جاء به هو وحي النبوة، ثم شاهدت بنفسها ما مر به النبي صلى الله عليه وسلم عند نزول أول المدثر، فكان من الطبيعي أن تكون هي أول المؤمنين. 2- وبادر النبي صلى الله عليه وسلم على صديقه الحميم أبي بكر الصديق رضي الله عنه ليخبره بما أكرمه اله به من النبوة والرسالة، ويدعو إلى الإيمان به، فآمن به دون تردد ولا تلعثم، وأسرع إلى التصديق، وشهد شهادة الحق، فكان أول من آمن به على الإطلاق أو من الرجال، وكان أصغر منه صلى الله عليه وسلم بسنتين، وصديقاً له منذ عهد قديم، عارفاً بسره وعلانيته، فكن إيمانه أعدل شاهد على صدقه صلى الله عليه وسلم. 3- أول من آمن به علي بن أبي طالب رضي الله عنه، كان تحت كفالته صلى الله عليه وسلم مقيماً عنده، يطعمه ويسقيه، ويقوم بأمره، لأن قريشاً أصابتهم مجاعة، وكان أبو طالب مقلاً كثير الأولاد، فكفل العباس ابنه جعفراً، وكفل النبي صلى الله عليه وسلم عليًّا، فكان كأحد أولاده إلى أن جاءت النبوة وقد ناهز البلوغ، يقال : كان عمره عشر سنين وكان يتبعه في كل أعماله، فلما دعاه إلى الإسلام أجاب إليه، وهو أول من آمن به من الصبيان. 4- ومن أول ما آمن به مولاه زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي، كان قد أسر أيام الجاهلية وبيع، فاشتراه حكيم بن حزام. ووهبه لعمته خديجة، فوهبته خديجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعلم به أبوه وعمه فجاءا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلماه ليحسن إليهما في فدائه، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم زيداً، وخيره بين أن يذهب مع أبيه وعمه وبين أن يبقي عنده، فاختاره عليهما، وعندئذ ذهب رسول الله إلى الملأ من قريش، وقال : اشهدوا أن هذا ابني وارثاً وموروثاً، وذلك قبل النبوة، فكان يدعى زيد بن محمد حتى جاء الإسلام وأبطل التبني، فدعي زيد بن حارثة. هؤلاء الأربعة كلهم أسلموا في يوم واحد، يوم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإنذار، وقام بالدعوة إلى الله، وقد قيل عن كل واحد منهم إنه أول من أسلم. ثم نشط للدعوة إلى الله أبو بكر رضي الله عنه وصار الساعد الأيمن للنبي صلى الله عليه وسلم في مهمة رسالته، وكان رجلاً عفيفاً، مألفاً محبباً، سعلاً كريماً جواداً معظماً، أعلم الناس بأنساب العرب وأخبارها، يقصده رجال قومه لخلقه ومعروفه، وعلمه وفضله، وتجارته وجوده، وحسن معاملته ومجالسته.فدعا إلى الإسلام من توسم فيه الخير ووثق به من قومه، فأجابه جمع من فضلاء الناس، في مقدمتهم عثمان بن عفان الأموي، والزبير بن العوام الأسدي، وعبدالرحمن بن عوف الزهري، وسعد بن أبي وقاص الزهري، وطلحة بن عبيد الله التيمي، بين لهم أبو بكر رضي الله عنه الإسلام، وأتى بهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلموا جميعاً. ثم تلا هؤلاء أمين هذه الأمة أبو عبيدة عامر بن الجراح، وأبو سلمة بن عبدالأسد، وامرأته أم سلمة، والأرقم بن أبي الأرقم، وعثمان بن مظعون، وأخواه قدامة وعبدالله ابنا مظعون، وعبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف، وسعيد ابن زيد بن عمرو بن نفيل، وامرأته فاطنة بنت الخطاب أخت عمر بن الخطاب، وخباب بن الأرت، وجعفر بن أبي طالب، وامرأته أسماء بنت عميس، وخالد بن سعيد بن االعاص، وامرأته أمينة بنت خلف، ثم أخوه عمرو بن سعيد بن العاص، وحاطب بن الحارث، وامرأته فاطمة بنت المجلل، وأخوه حطاب بن الحارث، وامرأته فكيهة بنت يسار، وأخوه الآخر معمر بن الحارث، والمطلب بن أزهر، وامرأته رملة بنت أبي عوف، ونعيم بن عبدالله بن أسيد النحام، وهؤلاء كلهم قريشيون من بطون وأفخاذ شتى من قريش. ومن السابقين الأولين إلى الإسلام من غير قريش : عبدالله بن مسعود الهذلي، ومسعود بن ربيعة القاري، وعبدالله بن جحش، وأخوه أبو أحمد بن جحش، وصهيب بن سنان الرومي، وعمار بن يسار العنسي، وأبوه ياسر، وأمه سمية، وعامر ابن فهيرة. وممن سبق إلى الإسلام من النساء من غير من تقدم ذكرهن : أم أيمن بركة الحبشية، مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاضنته، وأم الفضل لبابة الكبرى بنت الحارث الهلالية، زوج العباس بن عبدالمطلب، وأسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه. وقد عرف هؤلاء الأقدمون ومن أسلم معهم بلقب السابقين الأولين، ويظهر بعد التتبع والاستقراء أن عدد من قيل فيه : إنه قديم الإسلام، أو قيل فيه : إنه من السابقين الأولين، يصل إلى مائة وثلاثين صحابيًّا تقريباً، ولكن لا يعرف بالضبط أنهم كلهم أسلموا قبل الجهر بالدعوة. أو تأخر إسلام بعضهم إلى الجهر بها.
[/size][/size][/size] | |
|
| |
غروب عضو ذهبي
عدد الرسائل : 0 عدد المساهمات : 147 نقاط : 213 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 13/01/2010 العمر : 48
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الأربعاء فبراير 24, 2010 6:20 pm | |
| [size=24] [size=12][size=21]عبادة المؤمنين وتربيتهم : أما الوحي فقد تتابع نزوله بعد أوائل المدثر. ويقال : إن أول ما نزل بعدها هي سورة الفاتحة، وهي سورة تجمع الحمد والدعاء، وتشتمل على جميع المقاصد المهمة من القرآن والإسلام، كما أن أول ما أمر النبي صلى الله عليه وسلم من العبادات الصلاة : ركعتان بالغداة وركعتان بالعشي، نزل بذلك جبريل فعلمه الوضوء والصلاة. فكانت الطهارة الكاملة هي سمة المؤمنين، والوضوء شرط الصلاة، والفاتحة أصل الصلاة، والحمد والتسبيح من أوراد الصلاة، وكانت الصلاة هي عبادة المؤمنين، يقيمونها، ويقومون بها في أماكن بعيدة عن الأنظار، وربما كانوا يقصدون بها الأودية والشعاب. ولا تعرف لهم عبادات وأوامر ونواه أخرى في أوائل أيام الإسلام، وإنما كان الوحي بين لهم جوانب شتى من التوحيد، ويرغبهم في تزكية النفوس، ويحثهم على مكارم الأخلاق، ويصف لهم الجنة والنار، ويعظهم مواعظ بليغة تشرح الصدور وتغذي الأرواح. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، ويحدو بهم إلى منازل نقاء القلوب، ونظافة الخلاق، وعفة النفوس، وصدق المعاملات،، وبالجملة كان يخرجهم من الظلمات إلى النور، ويهديهم إلى صراط مستقيم، ويربيهم على التمسك بدين الله والاعتصام بحب الله، والثبات في أمر الله، والاستقامة عليه. وهكذا مرت ثلاثة أعوام والدعوة لا تزال مقصورة على الأفراد، لم يجهر بها النبي صلى الله عليه وسلم في المجامع والنوادي، إلا أنها صارت معروفة لدى قريش، وقد تنكر لها بعضهم أحياناً، واعتدوا على بعض المؤمنين، ولكنهم لم يبالوا بها بصفة عامة، حيث لم يتعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم لدينهم ولم يتكلم في آلهتهم.
[/size][/size][/size] | |
|
| |
غروب عضو ذهبي
عدد الرسائل : 0 عدد المساهمات : 147 نقاط : 213 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 13/01/2010 العمر : 48
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الأربعاء فبراير 24, 2010 6:29 pm | |
| الجهر بالدعوة الدعوة في الأقربين :
وبعد أن قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث سنوات في سبيل الدعوة الفردية، ووجد لها آذاناً صاغية، ورجالاً صالحين من صميم قريش وغيرها، وتمهدت لها السبل، وتهيأ لظهورها الجو، أنزل الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم : { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ{214} وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ{215} فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ{216} سورة الشعراء، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم عشيرته الأقربين، وهم بنو هاشم، ومعهم نفر من بني المطلب، فقال بعد الحمد وشهادة التوحيد : (( إن الرائد لا يكذب أهله، والله لو كذبت الناس جميعاً ما كذبتكم، ولو غررت الناس جميعاً ما غررتكم، والله الذي لا إله إلا هو إني لرسول الله إليكم خاصة وإلى الناس كافة، والله لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن بما تعملون، ولتجزون بالإحسان إحساناً وبالسوء سوءًا. وإنها الجنة أبداً أو النار أبداً )). فتكلم القوم كلاماً ليناً غير عمه أبي لهب. فإنه قال : خذوا على يديه قبل أن تجتمع عليه العرب، فإن سلمتموه إذن ذللتم، وإن منعتموه قتلتم، فقال أبو طالب : والله لنمنعه ما بقينا، وقال أيضاً : امض لما أمرت به، فوالله لا أزال أحوطك وأمنعك، غير أن نفسي لا تطاوعني على فراق دين عبدالمطلب. على جبل الصفا : وفي غضون ذلك نزل أيضاً قوله تعالى : { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ {94} سورة الحجر، فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم على الصفا فعلا أعلاه حجراً، هتف : (( يا صباحاه )) أخرجه أحمد والشيخان (البخاري وسلم). وكانت كلمة إنذار تخبر عن هجوم جيش أو وقوع أمر عظيم. ثم جعل ينادي بطون قريش، ويدعوهم قبائل قبائل : يا بني فهر ! يا بني عدي ! يا بني فلان ! يا بني فلان ! يا بني عبد مناف ! يا بني عبدالمطلب ! فلما سمعوا قالوا : من هذا الذي يهتف ؟ قالوا : محمد. فأسرع الناس إليه، حتى إن الرجل إذا لم يستطع أن يخرج إليه أرسل رسولاً لينظر ما هو ؟ فلما اجتمعوا قال : (( أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي بسفح هذا الجبل، تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي ))؟ قالوا : نعم. ما جربنا عليك كذباً. ما جربنا عليك إلا صدقاً. قال : (( فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد.إنما مثلي ومثلكم كمثل رجل رأى العدو فانطلق يربأ أهله – أي يتطلع لهم من مكان مرتفع لئلا يدهمهم العدو – فخشى أن يسبقوه، فجعل ينادي : يا صباحاه )). ثم دعاهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. وبين لهم أن هذه الكلمة هي ملاك الدنيا ونجاة الآخرة. ثم حذرهم وأنذرهم عذاب الله إن بقوا على شركهم ولم يؤمنوا بما جاء به من عند الله، وأنه مع كونه رسولاً لا ينقذهم من العذاب ولا يغنيهم من الله شيئاً. وعم هذا الإنذار وخص فقال : (( يا معشر قريش اشتروا أنفسكم من اللهـ وأنقذوا أنفسكم من النار، فإني لا أملك لكم ضرًّا ولا نفعاً، ولا أغني عنكم من الله شيئًا. يا بني كعب بن لؤي ! أنقذوا أنفسكم من النار، فإني لا أملك لكم ضرًّا ولا نفعاً. يا بني مرة بن كعب ! أنقذوا أنفسكم من النار. يا معشر بني قصي ! أنقذوا أنفسكم من النار، فإني لا أملك لكم ضرًّا ولا نفعاً. يا بني عبد شمس ! أنقذوا أنفسكم من النار. يا بني عبد مناف ! أنقذوا أنفسكم من النار، فإني لا أملك لكم ضرًّا ولا نفعاً. يا بني هاشم ! أنقذوا أنفسكم من النار. يا بني عبدالمطلب ! أنقذوا أنفسكم من النار، فإني لا أملك لكم ضرًّا ولا نفعاً، ولا أغني عنكم من الله شيئًا، سلوني من مالي ما شئتم، لا أملك لكم من الله شيئًا. يا عباس بن عبدالمطلب ! لا أغني عنك من الله شيئاً. يا صفية بنت عبدالمطلب ! عمة رسول الله ! لا أغني عنك من الله شيئاً. يا فاطمة بنت محمد رسول الله ! سليني بما شئت، أنقذي نفسك من النار، لا أغني عنك من الله شيئاً. غير أن لكم رحماً سأبلها ببلالها – أي سأصلها حسب حقها - )).البخاري ومسلم والنسائي والدارمي وابن حبان وغيرهما. ولما أتم هذا الإنذار انفض الناس وتفرقوا، ولا يذكر عنهم أنهم أبدوا أي معارضة أو تأييد لما سمعوه، سوى ما ورد عن أبي لهب أنه واجه النبي صلى الله عليه وسلم بالسوء، فقال : تبًّا لك سائر اليوم. ألهذا جمعتنا ؟ فنزلت { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ{1} سورة المسد. أما عامة قريش فكأنهم قد أصابتهم الدهشة والاستغراب حين فوجئوا بهذا الإنذار، ولم يستطيعوا أن يختاروا أي موقف اتجاه ذلك، ولكنهم رجعوا إلى بيوتهم، واستقرت أنفسهم، وتناولوا هذه الدعوة والإنذار بالاستخفاف والاستهزاء، فكان النبي صلى الله عليه وسلك إذا مر على ملأ منهم سخروا منه وقالوا : أهذا الذي بعث الله رسولاً ؟ أهذا ابن أبي كبشة. يكلم من السماء. وأمثال ذلك. وأبو كبشة اسم لأحد أجداده صلى الله عليه وسلم من جهة الأم، كان قد خالف دين قريش، واختار النصرانية، فلما خالفهم النبي صلى الله عليه وسلم في الدين نسبوه إليه، وشبهوه به، تعييراً واحتقاراً له وطعناً فيه. واستمر النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته وبدأ يجهر بها في نواديهم ومجامعهم، يتلو عليهم كتاب الله، ويدعوهم إلى ما دعت إليه الرسل : { يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } (الأعراف : 59، 65 ، 73 ، 85) (هود : 50، 61، 84) (المؤمنون: 23). وبدأ يعبد الله أمام أعينهم، فكان يصلي بفناء الكعبة نهاراً جهاراً وعلى رؤوس الأشهاد. وقد نالت دعوته بعض القبول، ودخل عدد من الناس في دين الله واحداً بعد واحد، وحصل بين هؤلاء المسلمين وبين من لم يسلم من أهل بيتهم التباغض والتباعد.
| |
|
| |
غروب عضو ذهبي
عدد الرسائل : 0 عدد المساهمات : 147 نقاط : 213 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 13/01/2010 العمر : 48
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الأربعاء فبراير 24, 2010 6:33 pm | |
| مشاورة قريش لكف الحجاج عن الدعوة : واشمأزت قريش من كل ذلك، وساءهم ما رأوه، وما هي إلا أيام حتى اقترب موعد الحج، فاجتمع نفر منهم الوليد بن المغيرة وكان ذا سن وشرف فيهم فقال لهم : يا معشر قريش إنه قد حضر هذا الموسم، وإن وفود العرب ستقدم عليكم فيه، وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا، فاجمعوا فيه رأياً واحداً، ولا تختلفوا، فيكذب بعضكم بعضاً. قالوا : أنت فقل، وأقم لنا رأياً نقول به. قال : لا بل أنتم فقولوا أسمع. قالوا : نقول : كاهن. قال : ما هو بكاهن، لقد رأينا الكهان، فما هو بزمزمة الكهان ولا بسجعهم. قالوا : فنقول : مجنون. قال : ما هو بمجنون، لقد رأينا الجنون وعرفناه، فما هو بخنقه ولا تخالجه ولا وسوسته. قالوا : فنقول : شاعر. قال : ما هو بشاعر، لقد عرفنا الشعر كله، رجزه وهجزه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه، فما هو بشاعر. قالوا : فنقول : ساحر. قال : ما هو بساحر، لق رأينا السحار وسحرهم، فما هو بنفثه ولا بعقده. قالوا : فماذا نقول ؟ قال : والله إن لقوله حلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أصله لعذق، وإن فرعه لجناة، وما أنتم بقائلين من هذا شيئًا إلا عرف أنه باطل. وإن أقرب القول أن تقول : هو ساحر، وقوله سحر، يفرق بين المرء وأبيه. وبين المرء وأخيه، وبين المرء وزوجه، وبين المرء وعشيرته.فتفرقوا عنه بذلك، وجعلوا يجلسون بسبل الناس حين قدموا للموسم، لا يمر بهم أحد إلا حذروه وذكروا له أمره صلى الله عليه وسلم فعرف الناس أمره قبل أن يروه أو يسمعوا منه. وجاءت أيام الحج فخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى مجامع الحجاج ورحالهم ومنازلهم، ودعاهم إلى الإسلام، وقال لهم : (( يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا )). وتبعه أبو لهب يكذبه ويؤذيه، فصدت العرب من ذلك الموسم وقد عرفوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتشر ذكره في بلاد العرب كلها.
| |
|
| |
غروب عضو ذهبي
عدد الرسائل : 0 عدد المساهمات : 147 نقاط : 213 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 13/01/2010 العمر : 48
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الأربعاء فبراير 24, 2010 6:36 pm | |
| سبل شتى لمواجهة الدعوة : ولما انتهى الحج، وعادت قريش إلى بيوتهم، واطمأنوا كأنهم رأوا أن يعالجوا هذه المشكلة التي نشأت لأجل قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الله وحده، ففكروا واستشاروا، ثم اختاروا ونذكرها بإيجاز. 1- الأول : مواصلة السخرية والاستهزاء والإكثار منها : والقصد من ذلك تخذيل رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، وتوهين قواهم المعنوية، فكانوا يتهمون رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه ساحر، شاعر مجنون، كاهن يأتيه الشيطان، ساحر كذاب، مفتر متقول، وغير ذلك من التهم والشتائم، وكانوا إذا رأوه يجيء ويذهب ينظرون إليه نظر الغضب والنقمة، كما قال الله تعالى : { وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُون {51} سورة القلم، وكانوا إذا رأوه يتهكمون به، ويقولون : { أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ {36} سورة الأنبياء. وإذا رأوا ضعفاء الصحابة قالوا : قد جاء ملوك الأرض : { أَهَـؤُلاء مَنَّ اللّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا {53} سورة الأنعام، وكما قال الله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ{29} وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ{30} وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ{31} وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاء لَضَالُّونَ{32} سورة المطففين. وقد أكثروا من السخرية والاستهزاء ومن الطعن والتضحيك حتى أثر ذلك في نفس النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال الله تعالى : { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُون {97} سورة الحجر، ثم ثبته الله تعالى، وبين له ما يذهب بهذا الضيق، فقال : { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ{98} وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ{99} سورة الحجر، وقد بين له قبل ذلك ما فيه التسلية، حيث قال : { إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ{95} الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللّهِ إِلـهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ{96} سورة الحجر، وأخبره أن فعلهم هذا سوف ينقلب وبالاً عليهم، فقال : { وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون } سورة الأنعام :10 وسورة الأنبياء : 41.
| |
|
| |
غروب عضو ذهبي
عدد الرسائل : 0 عدد المساهمات : 147 نقاط : 213 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 13/01/2010 العمر : 48
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الأربعاء فبراير 24, 2010 6:38 pm | |
| 3- الثالث : إثارة الشبهات وتكثيف الدعايات الكاذبة : فقد أكثروا من ذلك وتفننوا فيه، فربما كانوا يقولون عن القرآن : إنه : { أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ {5} سورة الأنبياء، أي أحلام كاذبة يراها محمد صلى الله عليه وسلم بالليل، فيتلوها بالنهار، وأحياناً كانوا يقولون : ( افتراه من عند نفسه )، وأحياناً كانوا يقولون : { إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ {103} سورة النحل، وربما قالوا : { إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُون {4} سورة الفرقان، أي اشترك هو وزملاؤه في اختلاقه : {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً {5} سورة الفرقان. وأحياناً قالوا : إن له جنًّا أو شيطاناً يتنزل عليه بالقرآن مثل ما ينزل الجن والشياطين على الكهان. قال الله تعالى ردًّا عليهم : { هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ{221} تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ{222} سورة الشعراء، أي إنها تنزل على الكذاب الفاجر المتلطخ بالذنوب، وما جربتم عليّ كذباً. ولا وجدتم فيّ فسقاً، فكيف تقولون إن القرآن من تنزيل الشياطين ؟ وأحياناً كانوا يقولون عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه قد أصابه نوع من الجنون، فهو يتخيل المعاني ثم يصوغها في كلمات بديعة رائعة. كما يصوغ الشعراء، فهو شاعر وكلامه شاعر، قال الله تعالى : { وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ{224} أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ{225} وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ{226} سورة الشعراء، فهذه ثلاث خصائص يتصف بها الشعراء، ولا توجد واحدة منها في النبي صلى الله عليه وسلم، فالذين اتبعوه هداة، متقون، صالحون في دينهم، وخلقهم، وأفعالهم، وتصرفاتهم، ومعاملاتهم، ولا توجد عليهم مسحة من الغواية في أي شأن من شئونهم. وهو لا يهيم في الأودية كلها كما يهيم الشعراء، بل يدعو إلى رب واحد. وهو لا يقول إلا ما يفعل، ولا يفعل إلا ما يقول، فأين هو من الشعر والشعراء ؟ وأين الشعر والشعراء منه ؟.
| |
|
| |
غروب عضو ذهبي
عدد الرسائل : 0 عدد المساهمات : 147 نقاط : 213 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 13/01/2010 العمر : 48
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الأربعاء فبراير 24, 2010 6:42 pm | |
| 4- النقاش والجدال : وكانت ثلاث قضايا استغربها المشركون جدًّا، وكانت هي الأساس في الخلاف الذي حصل بينهم وبين المسلمين في أمر الدين، وهي : التوحيد، والرسالة. والبعث بعد الموت. فكانوا يناقشون في هذه القضايا، ويجادلون حولها. فأما البعث بعد الموت فلم يكن عندهم في ذلك إلا التعجب والاستغراب، والاستبعاد العقلي فقط، فكانوا يقولون : { أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ{16} أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ{17} سورة الصافات، وكانوا يقولون : { ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ{3} سورة ق، وكانوا يقولون : { هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ{7} أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَم بِهِ جِنَّةٌ{8} سورة سبأ، وقال قائلهم : أموت ثم بعث ثم حشر=حديث خرافة يا أم عمرو وقد رد الله عليهم بأنواع من الردود، حاصلها أنهم يشاهدون في الدنيا أن الظالم يموت دون أن يلقى جزاء ظلمه، والمظلوم يموت دون أن يأخذ حقه من ظالمه، والمحسن الصالح يموت قبل أن يلقى جزاء إحسانه وصلاحه، والمسيء يموت قبل أن يعاقب على سيئاته، فإن لم يكن بعد الموت يوم يبعث فيه الناس، فيؤخذ من الظالم للمظلوم، ويجزى المحسن الصالح، ويعاقب المسيء الفاجر، لاستوى الفريقان، ولا يكون بينهما فرق، بل يصير الظالم والمسيء أسعد من المظلوم والمحسن التقي. زهذا غير معقول إطلاقاً، وليس من العدل في شيء، ولا يتصور من الله سبحانه أن يبني نظام خلقه على مثل هذا الظلم والفساد. قال تعالى : { أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ{35} مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ{36} سورة القلم، وقال : { أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ{21} سورة الجاثية. وأما الاستبعاد العقلي، فقال رداً عليهم في ذلك : { أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاء ..{27} سورة النازعات، وقال : { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{33} سورة الأحقاف، وقال : { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذكَّرُونَ{62} سورة الواقعة، وقال : { كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ{104} سورة الأنبياء، وذكرهم ما هو معتاد لديهم، وهو أن العادة : { أَهْوَنُ عَلَيْهِ {27} سورة الروم، وقال : { أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ{15} سورة ق. وأما رسالة النبي صلى الله عليه وسلم فكانت لهم حولها شبهات مع معرفتهم واعترافهم بصدق النبي صلى الله عليه وسلم وأمانته وغاية صلاحه وتقواه، وذلك أنهم كانوا يعتقدون أن منصب النبوة والرسالة أعظم وأجل من أن يعطى لبشر، فالبشر لا يكون رسولاً، حسب عقيدتهم، فلما أعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نبوته ورسالته، ودعا إلى الإيمان به تحير المشركون، وتعجبوا، وقالوا : { مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ {7} سورة الفرقان، قال تعالى : { بَلْ عَجِبُوا أَن جَاءهُمْ مُنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ{2} سورة ق. وقالوا : { مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ {91} سورة الأنعام. وقد أبطل الله عقيدتهم هذه، وقال رداً عليهم : { قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ {91} سورة الأنعام، وقص عليهم قصص الأنبياء والرسل، وما جرى بينهم وبين قومهم من الحوار، وأن قومهم قالوا إنكاراً لرسالتهم : { إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا } و { {قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِه } سورة إبراهيم :10,11. فالأنبياء كلهم كانوا بشراً. وأما أن يكون الرسول ملكاً فإن ذلك لا يفي بغرض الرسالة ومصلحتها، إذ البشر لا يستطيع أن يتأسى بالملائكة، ثم تبقى الشبهة كما هي، قال تعالى : { وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ{9} سورة الأنعام. وحيث إن المشركين كانوا يعترفون أن إبراهيم وإسماعيل وموسى عليهم السلام كانوا رسلاً وكانوا بشراً، فإنهم لم يجدوا مجالاً للإصرار على شبهتهم هذه. ولكنهم أبدوا شبهة أخرى، قالوا : ألم يجد الله لحمل رسالته إلا هذا اليتيم المسكين ؟ ما كان الله ليترك العظماء الكبار من أشراف قريش وثقيف، ويرسل هذا، { لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ{31} سورة الزخرف، أي من مكة والطائف، قال الله تعالى رداً عليهم : { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ {32} سورة الزخرف. يعني أن الوحي والقرآن والنبوة والرسالة رحمة من الله، والله يعلم كيف يقسم رحمته، وأين يضعها، فمن يعطيها، ومن يحرمها، قال تعالى : { ُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ {124} سورة الأنعام. انتقلوا بعد ذلك إلى شبهة أخرى قالوا : إن من يكون رسولاً لملك من ملوك الدنيا يوفر له الملك أسباب الحشمة والجاه من الخدم والحشم والضيعة والمال والأبهة والجلال، وغير ذلك، وهو يمشي في موكب من الحرس والمرافقين أصحاب العز والشرف، فما بال محمد يدفع في الأسواق للقمة عيش يدعى إنه رسول الله ؟ : { لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً{7} أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَّسْحُوراً{8} سورة الفرقان. ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد أرسل إلى جميع أنواع البشر : صغارهم وكبارهم، وضعافهم وأقويائهم، وأذنابهم وأشرافهم، وعبيدهم وأحرارهم، فلو حصل له ما تقدم من الأبهة والجلال ومواكبة الخدم والحشم والكبار، لم يكن يستفيد به ضعفاء الناس وصغارهم، وهم جمهور البشر، وإذن لفتت مصلحة الرسالة، ولم تعد لها فائدة تذكر. ولذلك أجيب المشركون على طلبهم هذا بأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم رسول، يعني يكفي لدحض شبهتكم هذه أنه رسول، والذي طلبتوه له من الحشمة والجاه والموكب والمال، ينافي تبليغ الرسالة في عامة الناس، بينما هم مقصودون بالرسالة. فلما ردّ على شبهتهم هذه تقدموا خطوة أخرى، وأخذوا يطالبون بالآيات عناداً وتعجيزاً، فدار بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم نقاش وحوار.
| |
|
| |
غروب عضو ذهبي
عدد الرسائل : 0 عدد المساهمات : 147 نقاط : 213 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 13/01/2010 العمر : 48
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الأربعاء فبراير 24, 2010 6:44 pm | |
| تعذيب المسلمين : فأما تعذيبهم المسلمين فقد أتوا فيه بأنواع تقشعر لها الجلود، وتتفطر لها القلوب. * كان بلال بن رباح رضي الله عنه مملوكاً لأمية بن خلف الجمحي، فكان أمية يجعل في عنقه حبلاً، ويدفعه إلى الصبيان، يلعبون به، وهو يقول : أحد أحد. وكان يخرج به في وقت الظهيرة، فيطرحه على ظهره في الرمضاء، وهي الرمل أو الحجر الشديد الحرارة، ثم يأمر بالصخرة العظيم فتوضع على صدره، ثم يقول : لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزى، فيقول : أحد أحد. ومر به أبو بكر رضي الله عنه يوماً وهو يعذب فاشتراه وأعتقه لله. * وكان عامر بن فهيرة يعذب حتى يفقد وعيه، ولا يدري ما يقول. * وعذب أبو فكيهة واسمه أفلح، قيل : كان من الأزد، وكان مولى لبني عبدالدار، فكانوا يخرجونه في نصف النهار في حر شديد، وفي رجليه قيد من حديد، فيجردونه من الثياب، ويبطحونه في الرمضاء، ثم يضعون على ظهره صخرة حتى لا يتحرك، فكان يبقى كذلك حتى لا يعقل، فلم يزل يعذب كذلك حتى هاجر إلى الحبشة الهجرةو الثانية، وكانوا مرة قد ربطوا رجليه بحبل، ثم جروه، وألقوه في الرمضاء، وخنقوه حتى ظنوا أنه قد مات، فمر به أبو بكر فاشتراه وأعتقه لله. * وكان خباب بن الأرت ممن سبي في الجاهلية، فاشترته أم أنهار بنت سباع الخزاعية، وكان حداداً، فلما أسلم عذبته مولاته بالنار، كانت تأتيه بالحديدة المحماة فتجعلها على ظهره ليكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم، فلم يكن يزيده ذلك إلا إيماناً وتسليماً، وكان المشركون أيضاً يعذبونه، فيلوون عنقه، ويجذبون شعره، وقد ألقوه مراراً على فحم النار. ثم وضعوا على صدره حجراً ثقيلاً حتى لا يقوم. * وكانت زنيرة أمة رومية، أسلمت، فعذبت في الله، وأصيبت في بصرها حتى عميت، فقيل لها : أصابتك اللات والعزى، فقالت : لا والله ما أصابنتني، وهذا من الله، وإن شاء كشفه، فأصبحت من الغد، وقد رد الله بصرها، فقالت قريش : هذا بعض سحر محمد. * وأسلمت أم عبيس : جارية لبني زهرة، فكان يعبها مولاها الأسود بن عبد يغوث، وكان من أشد أعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن المستهزئين به.
| |
|
| |
غروب عضو ذهبي
عدد الرسائل : 0 عدد المساهمات : 147 نقاط : 213 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 13/01/2010 العمر : 48
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الأربعاء فبراير 24, 2010 6:45 pm | |
| وأسلمت جارية عمرو بن مؤمل من بني عدي، فكان عمر بن الخطاب يعذبها، وهو يومئذ على الشرك، فكان يضربها حتى يفتر، ثم يدعها، ويقول : والله ما أدعك إلا سآمة، فتقول : كذلك يفعل بك ربك. * وتذكر فيمن أسلمن وعذبن من الجواري : النهدية، وابنتها وكانتا لامرأة من بني عبدالدار. واشترى أبو بكر رضي الله عنه هؤلاء الجواري، وأعتقهن كما أعتق بلالاً وعامر بن فهيرة، وأبا فكيهة. وقد عاتبه أبوه قحافة، وقال : أراك تعتق رقاباً ضعافاً، فلو أعتقت رجالاً جلداً لمنعوك. فقال : إني أريد وجه الله، فأنزل الله تعالة قرآناً مدحه فيه وذم أعداءه، فقال : { فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى{14} لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى{15} الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى{16} وهو أمية بن خلف، ومن كان على شاكلته { وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى{17} الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى{18} وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى{19} إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى{20} وَلَسَوْفَ يَرْضَى{21} سورة الليل، وهو أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وعمن أعتقهم وعن الصحابة أجمعين. * وعذب عمار بن ياسر وأمه وأبوه رضي الله عنهم، وكانوا حلفاء بني مخزوم، فكان بنو مخزوم وعلى رأسهم أبو جهل يخرجونهم إلى الأبطح، وإذا حميت الرمضاء، فيعذبونهم بحرها، ويمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول : (( صبراً آل ياسر موعدكم الجنة، اللهم اغفر لآل ياسر )). أما ياسر والد عمار، وهو ياسر بن عمار بن مالك العنسي المذحجي، فقد مات تحت العذاب. وأما أم عمار، وهي سمية بنت خياط مولاة أبي حذيفة المخزومي، وكانت عجوزاً كبيرة ضعيفة، فطعنها أبو جهل في قبلها بحربة، فماتت، وهي أول شهيدة في الإسلام. وأما عمار فثقل عليه العذاب، فإن المشركين تارة كانوا يلبسونه درعاً من حديد في يوم صائف، وتارة كانوا يضعون على صدره صخراً أحمر ثقيلاً، وتارة كانوا يغطونه في الماء، حتى قال بلسانه بعض ما يوافقهم، وقلبه مليء بالإيمان، فأنزل الله : { مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {106} سورة النحل. * وعذب في الله مصعب بن عمير، كان من أنعم الناس عيشاً، فلما دخل في الإسلام منعته أمه الطعام والشراب، وأخرجته من البيت، فتخشف جلده تخشف الحية. * وعذب صهيب بن سنان الرومي، حتى فقد وعيه، ولا يدري ما بقول. وعذب عثمان بن عفان، كان عمه يلفه في حصير من ورق النخيل، ثم يدخنه من تحته. وأوذي أبو بكر الصديق، وطلحة بن عبيدالله، أخذهما نوفل بن خويلد العدوي وقيل : عثمان بن عبيدالله، أخو طلحة بن عبيدالله، فشدهما في حبل واحد، ليمنعهما من الصلاة وعن الدين، فلم يجيباه، فلم يروعاه إلا وهما مطلقان يصليان، وسميا بالقرينين لكونهما قد شدا في حبل واحد. وكان أبو جهل إذا سمع برجل أسلم وله شرف ومنعة، أنبه، وأخزاه، وأوعده بإلحاق الخسارة في المال والجاه، وإذا كان الرجل ضعيفاً ضربه وأغرى به. والحاصل أنهم لم يعلموا بأحد دخل في الإسلام إلا تصدوا له بالأذى والنكال. كانت هذه الاعتداءات ضد ضعفاء المسلمين وعامتهم. أما من أسلم من الكبار والأشراف فإنهم كانوا يحسبون له حساباً، ولم يكن يجترئ عليهم إلا أمثالهم من رؤساء القبائل وأشرافها، وذلك مع قدر كبير من الحيطة والحذر.
| |
|
| |
غروب عضو ذهبي
عدد الرسائل : 0 عدد المساهمات : 147 نقاط : 213 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 13/01/2010 العمر : 48
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الأربعاء فبراير 24, 2010 6:48 pm | |
| موقف المشركين من رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان له من الشهادة والشرف والوقار ما وقاه الله به كثيراً من اعتداءات الناس. وقد كان يحوطه ويمنعه أبو طالب، وكان سيداً مطاعاً معظماً في قريش، لا يستهان بذمته ولا تخفر، وكان من ذروة بني عبد مناف، ولم تعرف لها قريش بل العرب إلا الإجلال والتكريم، فاضطر المشركون بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم إلى اتخاذ خطوات سليمة، واختاروا سبيل المفاوضات مع عمه أبي طالب، ولكن مع نوع من أسلوب القسوة والتحدي | |
|
| |
غروب عضو ذهبي
عدد الرسائل : 0 عدد المساهمات : 147 نقاط : 213 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 13/01/2010 العمر : 48
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الأربعاء فبراير 24, 2010 6:50 pm | |
| إنذار قريش وتحديهم لأبي طالب : ولم تصبر قريش طويلاً حين رأوا النبي صلى الله عليه وسلم ماضياً في عمله ودعوته إلى الله، فقد أكثروا ذكره وتذامروا فيه، ثم مشوا إلى أبي طالب، وقالوا : يا أبا طالب إن لك سنًّا وشرفاً ومنزلة فينا، وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا، وإنا والله لا نصبر على هذا من شتم آبائنا، وتسفيه أحلامنا، وعيب لآلهتنا حتى تكفه عنا أو ننازله وإياك في ذلك، حتى يهلك أحد الفريقين، ثم انصرفوا. وعظم على أبي طالب هذا التحدي والإنذار، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر له ما قالوه، وقال له : أبق عليّ وعلى نفسك، ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعفه، قال : (( يا عم ! والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ، حتى يظهره الله أو أهلك فيه، ما تركته )). ثم استعبر وبكى. وعادت إلى أبي طالب الرقة والثقة، فقال : اذهب يا ابن أخي ! فقل ما أحببت، فوالله لا أسلمت لك ابدا.
| |
|
| |
غروب عضو ذهبي
عدد الرسائل : 0 عدد المساهمات : 147 نقاط : 213 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 13/01/2010 العمر : 48
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الأربعاء فبراير 24, 2010 6:51 pm | |
| اقتراح غريب من قريش، ورد طريف من أبي طالب : ورأت قريش أن إنذارهم لم يجد نفعاً، فالرسول الله صلى الله عليه وسلم ماض في عمله، وأبو طالب قائم بنصرته، وهذا يعني أنه مستعد لفراقهم وعداوتهم ومنازلتهم في نصرة ابن أخيه محمد صلى الله عليه وسلم فلبثوا مليّا يفكرون ويتشاورون، حتى وصلوا إلى اقتراح غريب، فقد جاءوا إلى أبي طالب، ومعهم عمارة بن الوليد سيد شبابهم وأنهد فتى في قريش وأجمله، فقالوا : يا أبا طالب خذ هذا الفتى، فلك عقله ونصره، واتخذه ولداً، فهو لك، وأسلم إلينا ابن أخيك هذا الذي خالف دينك ودين آبائك، وفرق جماعة قومك، وسفه أحلامهم، فنقتله، فإنما هو رجل برجل. قال أبو طالب : والله لبئس ما تسومونني، أتعطوني ابنكم أغذوه لكم، وأعطيكم ابني تقتلونه ؟ هذا والله ما لا يكون أبداً.
| |
|
| |
غروب عضو ذهبي
عدد الرسائل : 0 عدد المساهمات : 147 نقاط : 213 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 13/01/2010 العمر : 48
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الأربعاء فبراير 24, 2010 6:56 pm | |
| اقتراح غريب من قريش، ورد طريف من أبي طالب : ورأت قريش أن إنذارهم لم يجد نفعاً، فالرسول الله صلى الله عليه وسلم ماض في عمله، وأبو طالب قائم بنصرته، وهذا يعني أنه مستعد لفراقهم وعداوتهم ومنازلتهم في نصرة ابن أخيه محمد صلى الله عليه وسلم فلبثوا مليّا يفكرون ويتشاورون، حتى وصلوا إلى اقتراح غريب، فقد جاءوا إلى أبي طالب، ومعهم عمارة بن الوليد سيد شبابهم وأنهد فتى في قريش وأجمله، فقالوا : يا أبا طالب خذ هذا الفتى، فلك عقله ونصره، واتخذه ولداً، فهو لك، وأسلم إلينا ابن أخيك هذا الذي خالف دينك ودين آبائك، وفرق جماعة قومك، وسفه أحلامهم، فنقتله، فإنما هو رجل برجل. قال أبو طالب : والله لبئس ما تسومونني، أتعطوني ابنكم أغذوه لكم، وأعطيكم ابني تقتلونه ؟ هذا والله ما لا يكون أبداً.
| |
|
| |
غروب عضو ذهبي
عدد الرسائل : 0 عدد المساهمات : 147 نقاط : 213 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 13/01/2010 العمر : 48
| موضوع: رد: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) الأربعاء فبراير 24, 2010 6:58 pm | |
| اعتداءات على رسول الله صلى الله عليه وسلم : ولما فشلت قريش ويئسوا، ورأوا أن الإنذار والتحدي والمساومة لم تجد نفعاً، بدءوا بالاعتداءات على ذات الرسول صلى الله عليه وسلم، وزادوا في تعذيب المسلمين والتنكيل بهم. وحيث أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان معززاً محتشماً محترماً، فقد تولى إيذاءه كبراء قريش ورؤساؤهم، ولم يجترئ على ذلك أذنابهم وعامتهم. وكان النفر الذين يؤذونه في بيته أبا لهب، والحكم بن أبي العاص بن أمية، وعقبة بن أبي معيط، وعدي بن حمراء الثقفي، وابن الأصداء الهذلي، وكانوا جيرانه صلى الله عليه وسلم، فكان أحدهم يطرح عليه رحم الشاة وهو يصلي، وكان يطرحها في برمته إذا نصبت، وكانوا إذا طرحوا عليه ذلك يخرج به على العود فيقف به على بابه ويقول : يا بني عبد مناف ! أي جوار هذا ؟! ثم يلقيه في الطريق. وكن أمية بن خلف إذا رآه همزه ولمزه. والهمز : الطعن والشتم علانية، أو كسر العين الغمز بهما. واللمز : العيب والإغراء. وكان أخوه أبي بن خلف يتوعد النبي صلى الله عليه وسلم يقول : يا محمد إن عندي العود، فرساً أعلفه كل يوم فرقاً من ذرة أقتلك عليه. حتى قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( بل أنا أقتلك إن شاء الله )) – وقد قتله يوم أحد – وجاء أبي بن خلف هذا يوماً بعظم بال رميم، ففته، ونفخ في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وجلس عقبة بن أبي معيط إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسمه منه، فبلغ أبيا، وكان صديقه، فعاتبه، وطلب منه أن يتفل في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففعل. أما أبو لهب فقد عاداه من أول يوم ظهرت فيه الدعوة إلى الله. وكانت في عقد ابنيه عتبة وعتبية ابنتا رسول الله صلى الله عليه وسلم رقية وأم كلثوم، فقال لهما : رأسي من رأسكما حرام إن لم تطلقا بنتي محمد، وقالت زوجته أيضاً : طلقاهما فإنهما قد صبأتا، فطلقاهما.وكانت زوجته هذه وهي أم جميل أروى بنت حرب، أيضاً عدوة لدودة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوته، فكانت تأتي بالأغصان وفيها شوك، فتطرحها في سبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل، حتى يعقر هو وأصحابه. وسمعت بنزول : { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ{1} سورة المسد، فجاءت وفي يدها فهر أي ملء الكف من الحجارة وهي تبحث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس مع أبي بكر عند الكعبة فأخذ الله ببصرها، فلم تكن ترى إلا أبا بكر، فقالت : أين صاحبك ؟ قد بلغني أنه يهجوني، والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه، أما والله إني لشاعرة، ثم قالت :
مذمماً عصينا وأمره أبينـا ودينه قلينـا
ثم انصرفت، فقال أبو بكر : يا رسول الله أما تراها رأتك، فقال : (( ما رأتني لقد أخذ الله ببصرها )). وكان مما تؤذي به قريش أنهم كان يسمون رسول الله صلى الله عليه وسلم مذمما بدل محمد، يشتمون بذلك ويسبون، ولكن صرف الله ذلك عنه، حيث أنهم كانوا يشتمون مذمما وهو محمد. وكان الأخنس بن شريق الثقفي أيضاً ينال من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما أبو جهل فكأنه كان قد تحمل عبء الصد عن سبيل الله. وقد كان يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم بقوله، وينهاه عن الصلاة، ويفخر ويختال بما فعل، حتى شدد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوعد في يوم رآه يصلى، فانتهره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذه بخناقه، وهزه وقال : { أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى{34} ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى{35} سورة القيامة، فقال : أتوعدني يا محمد ! والله لا تستطيع أنت ولا ربك شيئًا. وإني لأعز من مشى بين جبليها. وقال لرفقته يوماً : يعفر محمد وجهه بين أيديكم ؟ قالوا : نعم. فقال : واللات والعزى لئن رأيته لأطأن على رقبته، ولأعفرن وجهه. فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي زعم ليطأ رقبته فما فجأهم إلا وهو ينكص على عقبيه، ويتقى بيديه، فقالوا : مالك يا أبا الحكم ؟ قال : إن بيني وبينه خندقاً من نار وهولاً من أجنحة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لو دنا لاختطفته الملائكة عضواً عضوا )). وحاز مثل هذه الشقاوة عقبة بن أبي معيط، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي يوماً عند البيت، وأبو جهل وأصحاب له جلوس، إذ قال بعضهم لبعض : أيكم يجيء بسلا جزور بني فلان، فيضعه على ظهر محمد إذا سجد. فانبعث أشقى القوم عقبة بن أبي معيط، فجاء به وانتظر، فلما سجد وضعه بين كتفيه، فجعلوا يضحكون، ويحيل أي يميل بعضهم على بعض، وهو ساجد لا يرفع رأسه، حتى جاءته فاطمة وطرحته عن ظهره، فرفع رأسه، ثم قال : (( اللهم عليك بقريش )). فشق ذلك عليهم إذ دعا عليهم، وكانوا يرون أن الدعوة في ذلك البلد مستجابة، ثم سماهم رجلاً رجلاً : (( اللهم عليك بفلان وفلان )). وقد قتلوا كلهم يوم بدر. وكان عظماء المستهزئين برسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة : الوليد بن المغيرة المخزومي، والأسود بن عبد يغوث الزهري، وأبو زمعة الأسود بن عبدالمطلب الأسدي، والحارث بن قيس الخزاعي، والعاص بن وائل السهمي، وقد أخبر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أنه سيكفي شرهم فقال : { إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ {95} سورة الحجر، ثم أنزل على كل منهم ما فيه عبرة وعظة. فأما الوليد : فكان قد أصابه قبل سنين خدش من سهم، ولم يكن شيئًا، فأشار جبريل إلى أثر ذلك الخدش فانتفض، فلم يزل يؤلمه ويؤذيه حتى مات بعد سنين. وأما الأسود بن عبد يغوث : فأشار جبريل إلى رأسه، فخرج فيه قروح، فمات منها، وقيل : أصابه سموم، وقيل : أشار جبريل إلى بطنه، فاستسقى بطنه، وانتفخ حتى مات. وأما الأسود بن عبدالمطلب : فلما تضايق رسول الله صلى الله عليه وسلم من أذاه دعا عليه، وقال : (( اللهم أعم بصره، وأثكله ولده )) فرماه جبريل بشوك في وجهه حتى ذهب بصره، ورمى ولده زمعة حتى مات. وأما الحارث بن قيس : فأخذ الماء الأصفر بطنه، حتى خرج خرؤه من فيه، فمات منه. وأما العاص بن وائل : فجلس على شبرقة، فدخلت شوكة لها من أخمص صدمه، وجرى سمها إلى رأسه حتى مات. هذه صورة مصغرة لما كان يعانيه رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون من قريش بعد إعلان الدعوة والجهر بها. وقد اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خطوتين إزاء هذا الموقف المتأزم.
| |
|
| |
| سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ( كاملة~) | |
|