خبر الحجر الذي وجد في قبر دانيال
وقال عفان: حدثنا همام، عن قتادة، عن زرارة بن أبي أوفى، عن مطرف بن
مالك، أنه قال: شهدت فتح تستر مع الأشعري فأصبنا قبر دانيال بالسوين،
وكانوا إذا أجدبوا خرجوا فاستسقوا به فوجدوا معه رقعة فطلبها نصراني من
الحيرة يسمى: نعيما، فقرأها وفي أسفلها (ومن يبتغ غير الإسلام دينا
فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) فأسلم منهم يومئذ اثنان
وأربعون حبرا، وذلك في خلافة معاوية فأتحفهم معاوية وأعطاهم.
قال همام: فأخبرني بسطام بن مسلم أن معاوية بن قرة قال تذاكرنا الكتاب
إلى ما (ص 97) صار، فمر علينا شهر بن حوشب فدعوناه، فقال: على
الخبير سقطتم، إن الكتاب كان عند كعب، فلما احتضر قال ألا رجل ائتمنه على
أمانة يؤديها؟ قال شهر: فقال ابن عم لي يكنى أبا لبيد: أنا، فدفع
إليه الكتاب، فقال: إذا بلغت موضع كذا فاركب قرقورا، ثم أقذف به في
البحر، ففعل، فانفرج الماء، فقذفه فيه ورجع إلى كعب فأخبره، فقال: صدقت
إنه من التوراة التي أنزلها الله عز وجل.
ومن ذلك ((أخبار أمية بن أبي الصلت الثقفي)) ونحن نذكر بعضها:
قال الزبير بن بكار: حدثني عمي مصعب، عن مصعب بن عثمان، قال: كان أمية
قد نظر في الكتب، وقرأها ولبس المسوح تعبدا، وكان ممن ذكر إبراهيم
وإسماعيل والحنفية، وحرم الخمر والأوثان، والتمس الدين، وطمع في النبوة
لأنه قرأ في الكتب أن نبيا يبعث من العرب فكان يرجو أن يكون هو.
فلما بعث الله محمد صلى الله عليه وسلم، قيل له: هذا الذي كنت تبشر به
وتقول فيه، فحسده عدو الله، وقال: أنا كنت أرجو أن أكون هو فأنزل الله
عز وجل فيه: (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فاتبعه
الشيطان فكان من الغاوين)وهو الذي يقول:
كل دين يوم القيامة عند الله إلا دين الحنفية زور *
قال الزبير: وحدثني عمر بن أبي بكر المؤملي، قال: كان أمية بن أبي
الصلت يلتمس الدين، ويطمع في النبوة، فخرج إلى الشام فمر بكنيسة، وكان معه
جماعة من العرب من قريش وغيرهم، فقال أمية: إن لي حاجة في هذه الكنيسة،
فانتظروني، فدخل الكنيسة
ثم خرج إليهم كاسفا متغيرا، فرمى بنفسه، فأقاموا عليه حتى سرى عنه، ثم
مضوا فقضوا حوائجهم، ثم رجعوا فلما صاروا إلى الكنسية، قال لهم:
انتظروني، ودخل الكنيسة فأبطأ، ثم خرج أسوأ من حاله الأول، فقال له أبو
سفيان بن حرب: قد شققت على رفقتك، فقال: خلوني فإني أرتاد لنفسي،
وأطلب لمعادي،
وإن ههنا راهبا عالما أخبرني أنه سيكون بعد عيسى ست رجفات، وقد مضت منها
خمس، وبقيت واحدة، فخرجت وأنا أطمع أن أكون نبيا وأخاف أن يخطئني فأصابني
ما رأيت، فلما رجعت أتيته فقال: قد كانت الرجفة، وقد بعث نبي من العرب،
فأيست من النبوة فأصابني ما رأيت إذ فاتني ما كنت أطمع فيه.
قال: وقال الزهري: خرج أمية في سفر فنزلوا منزلا فأم أمية وجها، وصعد
في كثيب، فرفعت له كنيسة فانتهى إليها، فإذا شيخ جالس، فقال لأمية حين
رآه: إنك لمتبوع فمن أين يأتيك رئيك؟ قال: من شقي الأيسر، قال:
فأي الثياب (ص 98) أحب إليه أن تلقاه فيها؟ قال السواد، قال: كدت
تكون نبي العرب ولست به، هذا خاطر من الجن وليس بملك، وإن نبي العرب صاحب
هذا الأمر يأتيه الملك من شقه الأيمن، وأحب الثياب إليه أن يلقه فيها
البياض، قال الزهري: وأتى أمية أبا بكر فقال له: يا أبا بكر، عمي
الخبر، فهل أحسست شيئا؟ قال: لا والله، قال: قد وجدته يخرج في هذا
العام.
وقال عمر بن شبة: سمعت خالد بن يزيد يقول: إن أمية وأبا سفيان بن حرب
صحباني في تجارة إلى الشام، فذكر نحو الحديث الأول، وزاد فيه، فخرج من عند
الراهب وهو ثقيل، فقال له أبو سفيان: إن بك لشرا فما قضيتك؟ قال:
خير، أخبرني عن عتبة ابن ربيعة: كم سنه؟ فذكر سنا، قال: أخبرني عن
ماله؟ فذكر مالا، فقال له: وضعته، قال أبو سفيان: بل رفعته، فقال:
إن صاحب هذا الأمر ليس بشيخ، ولا ذي مال، قال وكان الراهب: أيأسه وأخبره
أن الأمر لرجل من قريش.
قال الزبير: وحدثني عمر بن أبي بكر المؤملي، قال: حدثني رجل من أهل
الكوفة، قال: كان أمية نائما، فجاءه طائران فوقع أحدهما على باب البيت،
ودخل الآخر فشق عن قلبه، ثم رده الطائر، فقال له الطائر الآخر: أوعى؟
قال:نعم، قال: أزكى؟ قال: أبى.
وقال الزهري: دخل يوما أمية بن أبي الصلت على أخته وهي تهنأ أدمالها،
فأدركه النوم فنام على سرير في ناحية البيت، قالت: فانشق جانب من السقف
في البيت، وإذا بطائرين قد وقع أحدهما على صدره، ووقف الآخر مكانه، فشق
الواقع صدره فأخرج قلبه فشقه، فقال الطائر الآخر للذي على صدره: أوعى؟
قال: وعى، قال: أقبل؟ قال: أبى؟ قال: فرد قلبه في موضعه.
ثم مضى فاتبعهما أمية طرفه، وقال: لبيكما لبيكما هاأنا ذا لديكما، لا
بريء فاعتذر ولا ذو عشيرة فانتصر، فرجع الطائر فوقع على صدره فشقه حتى
أخرج قلبه فشقه، فقال الطائر الأعلى للواقع: أوعى؟ قال: وعى، قال:
أقبل؟ قال: أبى، ونهض فاتبعهما أمية بصره فقال: لبيكما لبيكما ها
أنا ذا لديكما، لا مال لي يغنيني، ولا عشيرة تحميني، فرجع الطائر فوقع على
صدره فشقه، ثم أخرج قلبه فشقه فقال الطائر الأعلى:
أوعى؟ قال: وعى، قال: أقبل؟ قال: أبى، ونهض فاتبعه أمية بصره،
فقال: لبيكما لبيكما هاأنا ذا لديكما، محفوف بالنعم محوط بالذنب، قال
فرجع الطائر فوقع على صدره فشقه فأخرج قلبه فشقه، فقال الأعلى: أوعى؟
قال: وعى، قال: أقبل؟ قال: أبى، قال ونهض فاتبعهما طرفه فقال:
لبيكما لبيكما ها أنا ذا لديكما:
إن تغفر أللهم تغفر جما * وأي عبد لك لا ألما