الليلة الخامسة عشر …
وهذا سحاب يصارع نور القمر …
في ليلة هوجاء ذات رياح مدمرة …
والأحجار خائفة والأمواج متلاطمة …
وصوت الرياح ابتلع السكون …
يقف خالد ذو الخمس والعشرين عاماً بشموخ على إحدى الصخور – لا تقلقوا ليس مجنون!-
يقف وعليه علامات الحزن …
ينظر للبحر ويتذكر الماضي و ينتظر غداً …
نظراته كلها أسرار وحكايات …
عندما تراه تشفق عليه كله عبرات …
وصلت إليه فتاة جميلة …ملابسها تقول أنها فقيرة …
عندما رأته صارت تبكي …
لم يعرها اهتماماً فقد مل من هذه الحال …وتركها مع دموعها التي تحكي …
تحكي ألم وأحزان وتشكي حسرات …
طبطبت على ظهره ودار هذا الحوار …
لبنى ( زوجة خالد ) : ألم تنسها بعد ؟!
خالد ( بعد أن تنهد ) : ومن يقدر أن ينسى حياته وأحلامه …من يقدر أن ينسى أحلام !!!
لبنى ( عادت تبكي ) : أحلام …
أين ذهبت وتركتي أمك …
كم كنت جميلة يابنيتي …كم كنت ذكية يا فلذة قلبي …
ضحكتك لازلت أتذكرها …وبكائك ودموعك اشتقت لها …
كم أتمنى أن أضمك لصدري …
رحمك الله يا أحلام …رحمك الله يا أحلام …
سقطت لبنى على الأرض وهي تبكي وصارت تضرب الصخر بيدها ودموعها اختلطت بدماء يديها …
هنا التفت خالد وصار يهدئ لبنى فلم يستحمل بكائها وصار يبكي معها …
قاما وكلٌ منهما ممسكٌ بيد الآخر واتجها لبيتهما الصغير الموجود على الشاطئ …
من هي أحلام ؟
أحلام إنها بنت خالد و لبنى …طفلة كانت تبلغ الخمس سنوات …
جميلة كأمها …تحبها ما إن تراها لأول مرة …
كانت زرقاء العينين شقراء الشعر بيضاء البشرة على كتفها خمس شامات كانت تكون نجمة على كتفها الأيمن …
موتها …
كان خالد من كبار تجار المدينة وكان كريم الخلق …
كان في أحد الأيام مسافراً مع زوجته لبنى وابنته أحلام في رحلة وضع جميع
ما يملك من مال في شراء بضاعة كانت تحملها تلك السفينة التي كانوا مسافرين
بها …
وفي أحد الليالي …
فوجئوا برياح شديدة وعواصف في عرض البحر …تعطلت المحركات …
وصاروا جميع من في السفينة على مقربة من الموت…
جهزت جميع مراكب الإنقاذ …
وصار خالد ممسكتاً بزوجته التي طالما أحبها والتي كانت أيضاً ممسكة بأحلام …
وعندما هموا بركوب أحد مراكب الإنقاذ صرخت لبنى بأعلى صوتها …
أحـــــــــلاااااااااااااااااااااااام
أحـــــــــلاااااااااااااااااااااااام
أحـــــــــلاااااااااااااااااااااااام
صار خالد يبحث بسرعة كالمجنون وصار ينادي
أحـــــــــلاااااااااااااااااااااااام
لكن لا جدوى …لقد سقطت أحلام في الماء ...
فقدت لبنى الوعي وخالد لم يعد يدرك شيء …
غرقت السفينة وغرق ما كان فيها من أمتعة وبضائع …
فقد خالد أحلام …حبيبته
وفقد ثروته …
وصل مركب الإنقاذ إلى المدينة التي خرج منها خالد …
وهو بين أمرين …
أحلام …الميتة
ولبنى …
صار يفكر في لبنى …وصلوا للمستشفى …بعد ساعة صحت لبنى
لكن …
وهي فاقدة للذاكرة بشكل جزئي …
صارت مصيبة خالد اثنتين …
وعقله مشتت في جهتين …
بقي عند زوجته وحاله صار يرثى لها…
فجأة …صرخت لبنى …
أحلاااااااااااام …لا تذهبي ارجوكي …لا تذهبي …لاتذهبي
وعادت ليغمى عليها …
لكنها صحت مرة أخرى على ما يتحاشى الناس أن يخبروه للشخص قوي النفس …فكيف بالأم !!!
لقد ماتت …أحلام .
وخسر خالد ثروته كلها …
وصاروا في دنيا …وحيدين …
يتخبطون في بيت حزين …
حتى بيتهم باعوه …ليسددوا ما عليهم من ديون …
وسكنوا في بيت صغير قرب بحر كبير …
وعاشوا على ذكرى أحلام …
سارت الدنيا وهم راضين بما قسمه الله لهم …
وبعد مضي عشرين سنة …
مات من كان يعمل عندهم خالد ولبنى …
خالد صار بدون عمل …
صار يبحث عن عمل هنا وهناك …
لكن …
لا جدوى …
سافر هو زوجته إلى مدينة أخرى عسى أن يجدوا عمل …
وفي أحد الأيام وجد قصر كبيراً …