عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا أعلّمك – أو قال – ألا أدُلُّك على كلمة من تحت العرش من كنز الجنّة ؟ تقول : لا حول ولا قوّة إلاّ بالله ، فيقول الله عزّ وجلّ : أسلم عبدي واسْتسلم ) رواه الحاكم (1/21 ) بسند صحيح .
قال النووي رحمه الله ( قال العلماء : سبب ذلك أنّها كلمة اسْتسلام وتفويض إلى الله تعالى، واعْتراف بالإذعان له ، وأنّه لا صانع غيره ، ولا رادّ لأمره ، وأنّ العبد لا يملك شيئاً من الأمر، ومعنى الكنز هنا : أنّه ثواب مدّخر في الجنّة ، وهو ثواب نفيس ، كما أنّ الكنز أنفس أموالكم )) .
وقال ابن رجب رحمه الله ( فإنّ المعنى : لا تحوّل للعبد من حال إلى حال ، ولا قوة له على ذلك إلاّ بالله ، وهذه كلمة عظيمة وهي كنز من كنوز الجنّة )) .
وقال ابن القيّم رحمه الله ( لمّا كان الكنز هو المال النفيس المجتمع الذي يخفى على أكثر النّاس ، وكان هذا شأن هذه الكلمة ، كانت كنزاً من كنوز الجنة ، فأوتيها النبي صلى الله عليه وسلم من كنز تحت العرش ، وكان قائلها أسلم واستسلم لمن أزمّة الأمور بيديه ، وفوّض أمره إليه )) .
وقال (هذه الكلمة لها تأثير عجيب في معاناة الأشغال الصعبة، وتحمّل المشاق، والدخول على الملوك ومن يُخاف، وركوب الأهوال)) .
وبيّن رحمه الله في زاد المعاد (( أنّ لهذه الكلمة تأثيراً قوياً في دفع داء الهم والغم والحزن. قال: لما فيها من كمال التفويض والتبري من الحول والقوة إلاّ به ، وتسليم الأمر كلّه له ، وعدم منازعته في شيء منه ، وعموم ذلك لكل تحول من حال إلى حال في العالم العلوي والسفلي والقوة على ذلك التحول ، وأنّ ذلك بالله وحده ، فلا يقوم لهذه الكلمة شيء )) .
قال (ولها تأثير عجيب في طرد الشيطان )) .
وقال شيخ الإسلام رحمه الله ( هذه الكلمة بها تحمل الأثقال، وتكابد الأهوال، وينال رفيع الأحوال)) .
وقال (هذه الكلمة كلمة استعانة، لا كلمة اسْترجاع، وكثير من النّاس يقولها عند المصائب بمنزلة الاسترجاع، ويقولها جزعاً لا صبراً )) .
وفي الختام : فإنّ لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من تحت العرش من كنوز الجنّة حقيقة، أنزلها الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم، وعلمه إياها، ومنّ عليه وعلى أمّته بها، وقد حث صلى الله عليه وسلم على الإكثار من قولها لتحصيل ثوابها المدّخر في الجنّة، وهو ثواب نفيس، وهكذا الكنز يكون نفيساً.